للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمية من نفسك فتلعب بك، فالموت أحسن من هذا، فأبى عليه أن يذهب إليه في غل، وامتنع في مواليه ومن تألف إليه من أهل مكة وغيرهم، وكان يقال لهم: الزبيرية.

فبينما يزيد على بعثة الجيوش إليه، إذ أتى يزيد خبر أهل المدينة وما فعلوا بعامله، ومن كان معه بالمدينة من بني أمية، وإخراجهم إياهم منها إلا من كان من ولد عثمان بن عفان.

فجهز إليهم مسلم بن عقبة المري، في أهل الشام وأمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ من ذلك سار إلى ابن الزبير بمكة، وكان مسلم مريضًا، في بطنه الماء الأصفر، فقال له يزيد: إن حدث بك الموت، فولِّ الحصين بن نمير الكندي على جيشك. فسار حتى قدم المدينة فقاتله أهل المدينة فظفر بهم ودخلها، وقتل من قتل منهم، وأسرف في القتل، فسمي بذلك مسرفًا، وأنهب (١) المدينة ثلاثًا.

ثم سار إلى مكة، فلما كان ببعض الطريق حضرته الوفاة، فدعا الحصين بن نمير فقال له: يا برذعة الحمار، لولا أني أكره أن أتزود عند الموت معصية أمير المؤمنين ما وليتك، انظر إذا قدمت مكة فاحذر أن تمكن قريشًا من أذنك فتبول فيها، لا تكن إلا الوقاف، ثم الثقاف (٢)، ثم الانصراف.

فتوفي مسلم المسرف، ومضى الحصين بن نمير إلى مكة، فقاتل ابن الزبير بها أيامًا، وجمع ابن الزبير أصحابه، فتحصن بهم في المسجد الحرام وحول الكعبة، وضرب أصحاب ابن الزبير في المسجد خيامًا ورفافًا يكتنّون فيها من حجارة المنجنيق، ويستظلون فيها (٣) من الشمس.


(١) أنهب الشيء: جعله نهبًا يُغار عليه.
(٢) أي: المجالد بالسلاح.
(٣) كذا في الأصل ب. وفي أ: "بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>