وكانت الحلة تطوف بالبيت أول ما يطوف الرجل والمرأة في أول حجة يحجها عراة، وكان بنو عامر بن صعصعة وعك ممن يفعل ذلك، فكانوا إذا طافت المرأة منهم عريانة، تضع إحدى يديها على قبلها والأخرى على دبرها ثم تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله … وما بدا منه فلا أحله (١)
قال ابن عباس: فكانت قبائل من العرب من بني عامر وغيرهم يطوفون بالبيت عراة الرجال بالنهار والنساء بالليل، فإذا بلغ أحدهم إلى باب المسجد قال للحمس: من يعير مصونا؟ من يعير معوزًا؟ فإن أعاره أحمسي ثوبه طاف به وإلا ألقى ثيابه بباب المسجد ثم دخل للطواف، فطاف بالبيت سبعًا عريانًا، وكانوا يقولون: لا نطوف في الثياب التي قارفنا فيها الذنوب، ثم يرجع إلى ثيابه فيجدها لم تحرك، وكان بعض نسائهم تتخذ سيورًا فتعلقها في حقوتها وتستتر بها، وهو يوم تقول فيه قول العامرية:
اليوم يبدو بعضه أو كله … فما بدا منه فلا أحله
إلا أن يتكرم منهم متكرم فيطوف في ثيابه، فإن طاف فيها لم يحل له أن يلبسها أبدًا ولا ينتفع بها ويطرحها لقًى، واللقى: هذه الثياب التي يطوفون فيها، يرمون بها باب المسجد، فلا يمسها أحد من خلق الله حتى تبليها الشمس والأمطار والرياح ووطء الأقدام، وفيه يقول ورقة بن نوفل الأسدي:
كفى حزنًا كري عليه كأنه … لقًى بين أيدي الطائفين حريم
قال الكلبي: فكان أول من أنسأ الشهور من مضر، مالك بن كنانة، وذلك أن مالك بن كنانة نكح إلى معاوية بن ثور الكندي وهو يومئذ في كندة، وكانت النساءة قبل ذلك في كندة؛ لأنهم كانوا قبل ذلك ملوك العرب من ربيعة ومضر، وكانت كندة من أرداف المقاول، فنسأ ثعلبة بن مالك ثم نسأ