للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإساءة؟ قالوا: بل نريد الإصلاح قال: فإن الله لا يهلك المصلحين، قالوا: من الذي يعلوها فيهدمها؟ قال الوليد بن المغيرة: أنا أعلوها فأهدمها، فارتقى الوليد على جدر البيت ومعه الفأس فقال: اللهم إنا لا نريد إلا الإصلاح، ثم هدم فلما رأت قريش ما هدم منها ولم يأتهم ما يخافون من العذاب هدموا معه، حتى إذا بنوا فبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن: أي القبائل تلي رفعه؟ حتى كاد يشتجر بينهم فقالوا: تعالوا نحكم أول من يطلع علينا من هذه السكة فاصطلحوا على ذلك، فطلع رسول الله وهو غلام عليه وشاح نمرة فحكموه، فأمر بالركن فوضع في ثوب ثم أمر سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية الثوب ثم ارتقى، وأمرهم أن يرفعوه إليه فرفعوه إليه، وكان هو الذي وضعه.

حدثني جدي، قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه قال: جلس رجال من قريش في المسجد الحرام فيهم: حويطب بن عبد العزى ومخرمة بن نوفل، فتذاكروا بنيان قريش الكعبة وما هاجهم على ذلك، وذكروا كيف كان بناؤها قبل ذلك، قالوا: كانت الكعبة مبنية برضم يابس ليس بمدر، وكان بابها بالأرض ولم يكن لها سقف وإنما تدلى الكسوة على الجدر من خارج وتربط من أعلى الجدر من بطنها.

وكان في بطن الكعبة عن يمين من دخلها جب يكون فيه ما يهدى إلى الكعبة من مال، وحلية كهيئة الخزانة، وكان يكون على ذلك الجب حية تحرسه بعثها الله منذ زمن جرهم، وذلك أنه عدا على ذلك الجب قوم من جرهم فسرقوا مالها وحليتها مرة بعد مرة، فبعث الله تلك الحية فحرست الكعبة وما فيها خمسمائة سنة، فلم تزل كذلك حتى بنت قريش الكعبة وكان قرنا الكبش الذي ذبحه إبراهيم خليل الرحمن معلقين في بطنها بالجدر تلقاء من دخلها، يخلقان ويطيبان إذا طيب البيت، فكان فيها معاليق من حلية كانت تهدى إلى الكعبة فكانت على ذلك من أمرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>