وإنه بناه من خمسة أجبل من لبنان، وطور زَيْتا، وطور سينا، والجودي، وحراء حتى استوى على وجه الأرض.
قال ابن عباس: فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف به آدم ﵇ حتى بعث الله الطوفان قال: وكان غضبًا ورجسًا قال: فحيثما انتهى الطوفان ذهب ريح آدم ﵇ قال: ولم يقرب الطوفان أرض السند والهند.
قال: فدَرَس موضع البيت في الطوفان، حتى بعث الله تعالى إبراهيم وإسماعيل، فرفعا قواعده وأعلامه وبنته قريش بعد ذلك، وهو بحذاء البيت المعمور، لو سقط ما سقط إلا عليه (١).
حدثنا أبو الوليد، حدثنا مهدي بن أبي المهدي، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني، عن عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه أن الله تعالى لما تاب على آدم ﵇ أمره أن يسير إلى مكة، فطوى له الأرض وقبض له المفاوز، فصار كل مفازة يمر بها خطوة، وقبض له ما كان فيها من مخاض ماء أو بحر، فجعله له خطوة، فلم يضع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانًا وبركة، حتى انتهى إلى مكة.
وكان قبل ذلك قد اشتد بكاؤه وحزنه لما كان فيه من عظم المصيبة، حتى إن كانت الملائكة لتحزن لحزنه ولتبكي لبكائه، فعزاه الله تعالى بخيمة من خيام الجنة، ووضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة.
وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة، فيها ثلاثة قناديل من ذهب من تبر الجنة، فيها نور يلتهب من نور الجنة، ونزل معها الركن وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض الجنة، وكان كرسيا لآدم ﵇ يجلس عليه، فلما صار آدم بمكة وحرس له تلك الخيمة بالملائكة، كانوا يحرسونها ويذودون عنها ساكن الأرض.
(١) في إسناده: طلحة بن عمرو الحضرمي. قال فيه صاحب التقريب: "متروك".