فشكوا إليها الذي أصابهم، فقالت لهم: قد أصابني بؤس الذي تشكون (١) وهو مفرق ما بيننا.
قالوا: فماذا تأمرين؟ فقالت: فيكم ومنكم الأمير وعلي التسيير قالوا: فما تقولين؟ قالت: من كان منكم ذا هم بعيد، وجمل شديد، ومزاد جديد، فليلحق بقصر عمان المشيد، فكان أزد عمان.
ثم قالت: من كان منكم ذا جلد وقصر وصبر على أزمات الدهر، فعليه بالأراك من بطن مر، فكانت خزاعة.
ثم قالت: من كان منكم يريد الراسيات في الوحل المطعمات في المحل، فليلحق بيثرب ذات النخل فكانت الأوس والخزرج.
ثم قالت: من كان منكم يريد الخمر والخمير، والملك والتأمير، وتلبس الديباج والحرير، فليلحق ببصرى وعوير -وهما من أرض الشام- فكان الذين سكنوهما آل جفنة من غسان.
ثم قالت: من كان منكم يريد الثياب الرقاق، والخيل العتاق، وكنوز الأرزاق، والدم المهراق، فليلحق بأرض العراق، فكان الذين سكنوها آل جذيمة الأبرش ومن كان بالحيرة من غسان وآل محرق، حتى جاءهم روادهم فافترقوا من مكة فرقتين فرقة توجهت إلى عمان وهم أزد عمان.
وسار ثعلبة بن عمرو بن عامر نحو الشام، فنزلت الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر وهم الأنصار بالمدينة، ومضت غسان فنزلوا بالشام ولهم حديث طويل اختصرناه.
وانخزعت خزاعة بمكة فأقام بها ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر وهو لحي، فولي أمر مكة وحجابة الكعبة.
وقال حسان بن ثابت الأنصاري يذكر انخزاع خزاعة بمكة ومسير الأوس
(١) كذا في ب، وفي الأصل: "قد أصابوا الذي يشكون" وفي أ: "قد أصابوا بؤس الذي تشكون".