عنه، فلما انفرج الناس عنه حمل عليه خراش بن أمية بالسيف فطعنه في بطنه، وابن الدلع مستند إلى جدار من جدر مكة، فجعلت حشوته تسايل من بطنه وان عينيه لتبرقان في رأسه وهو يقول، أقد فعلتموها يا معشر خزاعة؟ فوقع الرجل فمات.
فسمع رسول الله، ﷺ، بقتله، فقام خطيبًا -وهذه الخطبة الغد من يوم فتح مكة بعد الظهر- فقال،ﷺ:"أيها الناس، إن الله سبحانه قد حرم مكة، يوم خلق السموات والأرض، ويوم خلق الشمس والقمر، ووضع هذين الجبلين فهي حرام إلى يوم القيامة، لا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا، ولا يعضد فيها شجرًا لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار، ثم رجعت كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب، فإن قال قائل: قد قتل بها رسول الله، فقولوا: إن الله ﷾ قد أحلها لرسوله، ولم يحلها لكم يا معشر خزاعة، ارفعوا أيديكم عن القتل فقد والله كثر أن يقع، وقد قتلتم هذا القتيل والله لأدينه، فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بالخيار إن شاءوا قدم قتيلهم، وإن شاءوا فعقله".
فدخل أبو شريح خويلد الكعبي على عمرو بن سعيد بن العاص، وهو يريد قتال ابن الزبير، فحدثه هذا الحديث وقال: إن النبي ﷺ أمرنا أن يبلغ الشاهد الغائب، وكنتُ شاهدًا وكنتَ غائبًا، وقد أديت إليك ما كان النبي ﷺ أمر به، فقال له عمرو بن سعيد: انصرف أيها الشيخ فنحن أعلم بحرمتها منك، إنها لا تمنع من ظالم، ولا خالع طاعة ولا سافك دم، فقال أبو شريح: قد أديت إليك ما كان رسول الله ﷺ أمر به، فأنت وشأنك.
قال الواقدي: وحدثني عبد الله بن نافع عن أبيه، أنه أخبر ابن عمر بما قال أبو شريح لعمرو بن سعيد، فقال ابن عمر: يرحم الله أبا شريح، قضى الذي عليه، قد علمت إن رسول الله ﷺ، تكلم يومئذ في خزاعة حين قتلوا