أبي مليكة يقول: كانت على الكعبة كسًا كثيرة من كسوة أهل الجاهلية من الأنطاع والأكسية والكرار والأنماط، فكانت ركامًا بعضها فوق بعض، فلما كسيت في الإسلام من بيت المال كان يخفف عنها الشيء بعد الشيء، وكانت تكسى في خلافة عمر وعثمان ﵄ القباطي، يؤتى به من مصر، غير أن عثمان ﵁ كساها سنة برودًا يمانية أمر بعملها عامله على اليمن يعلى بن منبه، فكان أول من ظاهر لها كسوتين، فلما كان معاوية كساها الديباج مع القباطي فقال شيبة بن عثمان: لو طرح عنها ما عليها من كسا الجاهلية فخفف عنها؛ حتى لا يكون مما مسه المشركون شيء لنجاستهم (١)، فكتب في ذلك إلى معاوية بن أبي سفيان وهو بالشام فكتب إليه أن جردها وبعث إليه بكسوة من ديباج وقباطي وحبرة، قال: فرأيت شيبة جردها حتى لم يترك عليها شيئًا مما كان عليها، وخلق جدراتها كلها وطيبها ثم كساها تلك الكسوة التي بعث بها معاوية إليها، وقسم الثياب التي كانت عليها على أهل مكة، وكان ابن عباس حاضرًا في المسجد الحرام وهم يجردونها قال: فما رأيته أنكر ذلك ولا كرهه.
حدثني محمد بن يحيى، عن الواقدي، عن ابن جريج، عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة قال: جرد شيبة بن عثمان الكعبة قبل الحريق فخلقها وطيبها، قلت: وما تلك الثياب؟ قال: من كل نحو كرار وأنطاع وخير من ذلك، وكان شيبة يكسو منها حتى رأى على امرأة حائض من كسوته فدفنها في بيت حتى هلكت، يعني الثياب.
حدثني محمد بن يحيى، عن الواقدي، عن إبراهيم بن يزيد، عن ابن أبي مليكة قال: رأيت شيبة بن عثمان جرَّد الكعبة، فرأيت عليها كسوة شتى: كرارًا وأنطاعًا ومسوحًا وخيرًا من ذلك.