للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكعبة قصبتين علقهما مع المعاليق في سنة ست وثمانين ومائة، وفيهما بيعة محمد وعبد الله ابنيه وما عقد لهما وما أخذ عليهما من العهود، وبعث المأمون بالياقوتة التي تعلق في كل سنة في وجه الكعبة في الموسم: بسلسلة من ذهب، وبعث أمير المؤمنين جعفر المتوكل بشمسة عملها من ذهب مكللة بالدر الفاخر والياقوت الرفيع والزبرجد بسلسلة من ذهب تعلق في وجه الكعبة في كل موسم (١).

حدثني سعيد بن يحيى البلخي، قال: أسلم ملك من ملوك التبت (٢) وكان له صنم من ذهب يعبده في صورة إنسان، وكان على رأس الصنم تاج من الذهب مكلل بخرز الجوهر والياقوت الأحمر والأخضر والزبرجد، وكان على سرير مربع مرتفع من الأرض على قوائم، والسرير من فضة، وكان على السرير فرشة الديباج، وعلى أطراف الفرش أزرار من ذهب وفضة مرخاة، والأزرار على قدر الكدن (٣) في وجه السرير، فلما أسلم ذلك الملك، أهدى السرير والصنم إلى الكعبة، فبعث به إلى أمير المؤمنين عبد الله المأمون هدية للكعبة، والمأمون يومئذ بمرو من خراسان، فبعث به المأمون إلى الحسن بن سهل بواسط، وأمره أن يبعث به إلى الكعبة، فبعث به مع نصير بن إبراهيم الأعجمي رجل من أهل بلخ من القواد، فقدم به مكة في سنة إحدى ومائتين، وحج بالناس تلك السنة إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى، فلما صدر الناس من منى، نصب نصير بن إبراهيم السرير وما عليه من الفرشة والصنم، في وسط رحبة عمر بن الخطاب، بين الصفا والمروة، فمكث ثلاثة أيام منصوبًا ومعهم لوح من فضة مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم


(١) إخبار الكرام ص ١٦٨.
(٢) التبت: بلاد واسعة على جبال شامخة بين الصين والروس والهند.
(٣) في الأصول: "الكرين" وفي إتحاف الورى: "الكرير" وفي شفاء الغرام: "الكرسي" ولعل الأولى ما أثبتناه. والكدن بمعنى: الثوب الذي يكون على الخدر والرحل ومركب من مراكب النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>