البيت، ولولا حداثة عهد قومك بالكفر، أعدت فيه ما تركوا منه، فإن بدا لقومك أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه" فأراها قريبًا من سبعة أذرع، وقال رسول الله ﷺ: "وجعلت لها بابين موضوعين على الأرض: بابا شرقيا يدخل الناس منه، وبابا غربيا يخرج الناس منه" قال عبد الملك بن مروان: أنت سمعتها تقول هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين أنا سمعت هذا منها، قال: فجعل ينكت منكسا بقضيب في يده ساعة طويلة، ثم قال: وددت والله أني تركت ابن الزبير وما تحمل من ذلك.
قال ابن جريج: وكان باب الكعبة الذي عمله ابن الزبير، طوله في السماء أحد عشر ذراعًا، فلما كان الحجاج نقض من الباب أربعة أذرع وشبرًا، عمل لها هذين البابين وطولهما ستة أذرع وشبر، فلما كان في خلافة الوليد بن عبد الملك، بعث إلى واليه على مكة خالد بن عبد الله القسري بستة وثلاثين ألف دينار، فضرب منها على بابي الكعبة صفائح الذهب، وعلى ميزاب الكعبة، وعلى الأساطين التي في بطنها، وعلى الأركان في جوفها.
قال أبو الوليد: قال جدي: فكل ما كان على الميزاب وعلى الأركان في جوفها من الذهب، فهو من عمل الوليد بن عبد الملك، وهو أول من ذهب البيت في الإسلام، فأما ما كان على الباب من عمل الوليد بن عبد الملك من الذهب، فإنه رق وتفرق.
فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين محمد بن الرشيد في خلافته، فأرسل إلى سالم بن الجراح عامل كان له على صوافي مكة، بثمانية عشر ألف دينار ليضرب بها صفائح الذهب على بابي الكعبة، فقلع ما كان على الباب من الصفائح وزاد عليها من الثمانية عشر ألف دينار، فضرب عليه الصفائح التي هي عليه اليوم والمسامير وحلقتي باب الكعبة وعلى الفياريز والعتب، وذلك كله من عمل أمير المؤمنين محمد بن هارون الرشيد، ولم يقلع في ذلك بابي