للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وكانت الكعبة يوم هدمها ابن الزبير ثمانية عشر ذراعًا في السماء، فلما أن بلغ ابن الزبير بالبناء ثمانية عشر ذراعًا، قصرت بحال الزيادة التي زاد من الحجر فيها، واستسمج ذلك إذ صارت عريضة لا طول لها، فقال: قد كانت قبل قريش تسعة أذرع حتى زادت قريش فيها تسعة أذرع طولًا في السماء، فأنا أزيد تسعة أذرع أخرى، فبناها سبعة وعشرين ذراعًا في السماء، وهي سبعة وعشرون مدماكًا، وعرض جدارها ذراعان، وجعل فيها ثلاث دعائم، وكانت قريش في الجاهلية جعلت فيها ست دعائم، وأرسل ابن الزبير إلى صنعاء فأتى من رخام بها يقال له: البلق، فجعله في الروازن التي في سقفها للضوء، وكان باب الكعبة قبل بناء ابن الزبير مصراعًا واحدًا، فجعل لها (١) ابن الزبير مصراعين طولهما أحد عشر ذراعًا من الأرض إلى منتهى أعلاهما اليوم، وجعل الباب الآخر الذي في ظهرها بإزائه على الشاذروان الذي على الأساس مثله، وجعل ميزابها يسكب في الحجر، وجعل لها درجة في بطنها في الركن الشامي من خشب معرجة، يصعد فيها إلى ظهرها.

فلما فرغ ابن الزبير من بناء الكعبة، خَلَّقها من داخلها وخارجها من أعلاها إلى أسفلها، وكساها القُبَاطي، وقال: من كانت لي عليه طاعة فليخرج فليعتمر من التنعيم، فمن قدر أن ينحر بدنة فليفعل، ومن لم يقدر على بدنة فليذبح شاة، ومن لم يقدر فليتصدق بقدر طوله (٢).

وخرج ماشيًا وخرج الناس معه مشاة حتى اعتمروا من التنعيم؛ شكرًا لله سبحانه، ولم يُرَ يوم كان أكثر عتيقًا ولا أكثر بدنة منحورة ولا شاة مذبوحة ولا صدقة من ذلك اليوم، ونحر ابن الزبير مائة بدنة، فلما طاف بالكعبة استلم الأركان الأربعة جميعًا، وقال: إنما كان ترك استلام هذين الركنين


(١) ب: "له".
(٢) إتحاف الورى ٢/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>