للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها" فأراها قريبًا من سبعة أذرع (١).

فلما هدم ابن الزبير الكعبة وسواها بالأرض، كشف عن أساس إبراهيم فوجدوه داخلًا في الحجر نحوًا من ستة أذرع وشبر، كأنها أعناق الإبل أخذ بعضها بعضًا، كتشبيك الأصابع بعضها ببعض، يحرك الحجر من القواعد فتحرك الأركان كلها، فدعا ابن الزبير خمسين رجلًا من وجوه الناس وأشرافهم وأشهدهم على ذلك الأساس، قال: فأدخل رجل من القوم -كان أيدًا- يقال له: عبد الله بن مطيع العدوي، عتلة كانت في يده في ركن من أركان البيت، فتزعزعت الأركان جميعًا، ويقال: إن مكة كلها رجفت رجفة شديدة حين زعزع الأساس، وخاف الناس خوفًا شديدًا، حتى ندم كل من كان أشار على ابن الزبير بهدمها، وأعظموا ذلك إعظامًا شديدًا وأسقط في أيديهم، فقال لهم ابن الزبير: اشهدوا، ثم وضع البناء على ذلك الأساس، ووضع حدات الباب، باب الكعبة على مدماك على الشاذروان اللاصق بالأرض، وجعل الباب الآخر بإزائه في ظهر الكعبة مقابله، وجعل عتبته على الحجر الأخضر الطويل الذي في الشاذروان الذي في ظهر الكعبة قريبًا من الركن اليماني (٢).

وكان البناة يبنون من وراء الستر، والناس يطوفون من خارج، فلما ارتفع البنيان إلى موضع الركن، وكان ابن الزبير حين هدم البيت، جعل الركن في ديباجة وأدخله في تابوت وأقفل عليه ووضعه عنده في دار الندوة، وعمد إلى ما كان في الكعبة من حلية فوضعها في خزانة الكعبة، في دار شيبة بن عثمان، فلما بلغ البناء موضع الركن أمر ابن الزبير بموضعه، فنقر في حجرين: حجر من المدماك الذي تحته، وحجر من المدماك الذي فوقه، بقدر الركن وطوبق بينهما، فلما فرغوا منه أمر ابن الزبير ابنه عباد بن عبد الله


(١) إتحاف الورى ٢/ ٧٠، ٧١.
(٢) إتحاف الورى ٢/ ٧١، ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>