للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيد قريش وشريفها فقيل له: عبد المطلب، فأرسل إلى عبد المطلب فقال بما قال أبرهة، فقال عبد المطلب: والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام وبيت إبراهيم خليله أو كما قال، فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع "عنه" (١).

فقال له حناطة: فانطلق "معي" (١) إليه، فإنه قد أمرني أن آتيه بك. فانطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نفر وكان له صديقًا حتى دخل عليه وهو في محبسه فقال: يا ذا نفر، هل عندك من غناء فيما نزل بنا؟ قال ذو نفر: وما غناء رجل أسير في يدي ملك ينتظر أن يقتله بكرة أو عشية، ما عندي غناء في شيء مما نزل بك إلا أن أنيسًا سايس الفيل صديق لي فسأرسل إليه فأوصيه بك وأعظم عليه حقك وأسأله أن يستأذن لك على الملك ويكلمه فيما بدا لك، ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك، قال: حسبي.

فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال له: إن عبد المطلب سيد قريش وصاحب عير مكة يطعم الناس بالسهل والجبل والوحوش في رءوس الجبال، وقد أصاب الملك له مائتي بعير فاستأذن له عليه وانفعه عنده بما استطعت فقال: أفعل فكلم أنيس أبرهة فقال له: أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عير مكة، وهو يطعم الناس بالسهل والجبل والوحوش في رءوس الجبال، فأذن له عليك فليكلمك في حاجته، فأذن له أبرهة، وكان عبد المطلب أوسم الناس وأعظمهم وأجملهم (٢) فلما رآه أبرهة أجله وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة معه على سريره، فنزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه ثم قال لترجمانه: قل له: ما


(١) من الروض الأنف.
(٢) كذا في ب، ومثله لدى ابن هشام في السيرة ١/ ٤٩. وفي أ: "وأعظمه وأجمله".

<<  <  ج: ص:  >  >>