للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللات والعزى ومناة في كل واحدة منهن شيطانة تكلمهم، وترايا للسدنة وهم الحجبة، وذلك من صنيع إبليس وأمره.

حدثني جدي، عن محمد بن إدريس، عن الواقدي عن عبد الله بن يزيد عن سعيد بن عمرو الهذلي، قال: قدم رسول الله مكة يوم الجمعة لعشر ليالٍ بقين من شهر رمضان، فبث السرايا في كل وجه يأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام، فخرج هشام بن العاصي في مائتين قبل يلملم، وخرج خالد بن سعيد بن العاصي في ثلاثمائة قبل عرنة، وبعث خالد بن الوليد إلى العزى يهدمها، فخرج خالد في ثلاثين فارسًا من أصحابه إلى العزى حتى انتهى إليها فهدمها، ثم رجع إلى النبي فقال: "أهدمت؟ " قال: نعم يا رسول الله، قال: "هل رأيت شيئًا؟ " قال: لا، قال: "فإنك لم تهدمها، فارجع إليها فاهدمها" فخرج خالد بن الوليد وهو متغيظ فلما انتهى إليها جرد سيفه فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة، ناشرة شعرها، فجعل السادن يصيح بها، قال خالد: وأخذني اقشعرار في ظهري، فجعل يصيح بها ويقول (١):

أعزاي شدي شدة لا تكذبي … أعزى ألقي بالقناع وشمري

أعزى إن لم تقتلي المرء خالدًا … فبوئي بإثم عاجل أو تنصري

فأقبل خالد بن الوليد بالسيف إليها، وهو يقول:

يا عز كفرانك لا سبحانك … إني رأيت اللّه قد أهانك (٢)

فقال: فضربها بالسيف فجزلها باثنتين، ثم رجع إلى رسول الله فأخبره فقال: "نعم تلك العزى، قد أيست أن تعبد ببلادكم أبدًا". ثم قال خالد: يا رسول الله، الحمد لله الذي أكرمنا بك وأنقذنا بك من الهلكة، لقد كنت أرى أبي يأتي العزى بخير ماله من الإبل والغنم فيذبحها للعزى ويقيم


(١) كتاب الطبقات الكبير لابن سعد ٥/ ٣٢.
(٢) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>