للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال له: هبل من هيت من أرض الجزيرة، وكان هبل من أعظم أصنام قريش عندها، فنصبه على البئر في بطن الكعبة وأمر الناس بعبادته، فكان الرجل إذا قدم من سفر بدأ به على أهله بعد طوافه بالبيت وحلق رأسه عنده، وهبل الذي يقول له أبو سفيان يوم أحد: اعل هبل أي: أظهر دينك، فقال النبي : "الله أعلى وأجل". وكان اسم البئر التي في بطن الكعبة الأخسف، وكانت العرب تسميها الأخشف.

قال محمد بن إسحاق: كان عند هبل في الكعبة سبعة قداح، كل قدح منها فيه كتاب؛ قدح فيه العقل إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة عليهم، فعلى من خرج حمله وقدح فيه نعم للأمر إذا أرادوه يضرب به في القداح، فإن خرج قدح فيه نعم عملوا به، وقدح فيه لا فإذا أرادوا الأمر ضربوا به في القداح فإذا خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الأمر، وقدح فيه منكم وقدح فيه ملصق وقدح فيه من غيركم وقدح فيه المياه، فإذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القدح، فحيثما خرج عملوا به (١).

وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلامًا أو (٢) ينكحوا منكحًا أو يدفنوا ميتًا أو شكوا في نسب أحد، ذهبوا به إلى هبل وبمائة درهم وجزور فأعطوها صاحب القداح الذي يضرب بها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون ثم قالوا: يا إلهنا، هذا فلان أردنا به كذا وكذا، فأخرج الحق فيه، ثم يقولون لصاحب القداح: اضرب، فإن خرج عليه منكم كان منهم وسطًا (٣)، وإن خرج عليه من غيركم كان حليفًا، وإن خرج عليه ملصق كان ملصقًا على منزلته فيهم لا نسب له ولا حلف، وإن خرج عليه شيء مما سوى هذا مما


(١) ابن هشام ١/ ١٥٢.
(٢) كذا في الأصل ب. وفي أ: "أن".
(٣) كذا في الأصل، ومثله لدى الفاسي في شفاء الغرام ٢/ ٤٤٤ وهو ينقل عن المصنف وفي أ، ب: "وسيطًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>