وهذا الديوان لباب تعاليم (إقبال) وحكمته، جادت به قريحته، وهو في المرحلة الأخيرة من مراحل حياته، وقد نضجت أفكاره وبلغت حكمته وفلسفته قمة العلو والكمال، إلى أن جعل ينشرها درراً منظومة وغير منظومة. فقد سمى هذا الشعر المبثوث في هذا الديوان (ضرب الكليم) أو إعلان الحرب على العصر الحاضر. ومن أجل ذلك، يعد هذا الديوان خير شيء لمن أراد الاطلاع على فكرة (إقبال) ونظريته في الحياة ومشاكلها ومسائلها المتنوعة المتشعبة.
أما هل نجح المعرب في إبراز محاسن شعر إقبال في حلة قشيبة من لغة الضاد، حتى يتأثر بها قراء العربية والناطقون بها، فهذا سؤال يصعب الجواب عليه بسهولة. فإن الترجمة - مهما أوتي المترجم من قوة الأداء وملكة البيان - قد تذهب في أكثر الأحيان برواء الأصل وبهائه في الشعر. والذي يقدر على أن يبقى على طلاوة الأصل وما له من تأثير بعد الترجمة، فلا شك أنه ممن بلغ قمة الإعجاز وارتفع فوق المستوى البشري المعتاد في الأداء وقوة البيان. هذا في الشعر. أما في النثر، فله شأن آخر، وفيه متسع للقول. وإذا نظرنا من هذه الوجهة إلى ديوان (ضرب الكليم) المعرب، رأينا أن المعرب قد نجح في مسعاه وأدى إلى قراء العربية معاني شعر (إقبال) السامية بدقة وبأمانة وبأسلوب عربي نقي، قلما نظفر بمثله عند جمهرة الكتاب. وذلك أقصى ما يقدر عليه كاتب وشاعر مهما كان من قدرته البيانية ولكته الأدبية. والمعرب الفاضل يستحق أجمل الثناء وأسنى كلمات الشكر من جميع المولعين بإقبال والمفتتنين بشعره.
والكتاب مطبوع طبعاً أنيقاً على ورق جيد، عنيت بنشره جماعة الأزهر للنشر والتأليف، إلا أننا ما رأينا وجهاً لإدخال أداة التعريف على (باكستان) في (سفير مصر لدى الباكستان) فإنه خطأ شائع، ينبغي تجنبه. والدكتور عزام قد استعمل الكلمة (باكستان) مجردة عن لام التعريف في المقدمة مراراً فلعل هذه الزيادة ممن تولى الطبع والنشر. وعلى كل، فلجماعة الأزهر للنشر والتأليف، شكري وتقديري وتحياتي.