كان الظن أن ينتهي ما بيننا بعد الجدال الذي ثار في الليلة الماضية، أو السنة الماضية، فما أدري متى التقينا آخر مرة. وكيف أدري واللحظة القصيرة من الفراق تتمثل لقلبي وكأنها أجيال وتواريخ؟
كان الظن أن ينتهي ما بيننا فلا تعود أحلامه ولا أهواله، ولا ترجع أيامه ولا لياليه، ولا يمر بالخاطر في لحظة من زمان
كان الظن أن نفترق، بعد أن تشهينا أن نفترق، ومعاقرة الكأس توحي بصدع الكأس، فكيف أراجع هواك يا ظلوم، بعد أن نويت المتاب، على أعظم حال من الشوق إلى المتاب؟! قد تشهينا أن نفترق، فمتى تفترق؟ ومتى نذوق طعم الأمان من عدوان الأشجان؟
كان اللقاء الأخير بلية من البلايا المواحق، فقد تناظرنا بشراهة تفوق الوصف، وكأننا نريد أن نلتهم ما بقي من زاد الحب، وأن نتزود للأعوام البواقي، وأن نقول إننا لا نواجه بيداء الصدود بغير زاد
لقد أخطأنا فيما صنعنا، والمحبون كبار لا يدرون عواقب ما يصنعون من مرارة الافتراق، وهو غير الفراق!
لن ينقضي ما بيننا أبداً، ولن تبيد تلك الألوان، ألوان الأثواب وألوان القلوب
كنت تلقينني في كل مرة بثوب جديد، وكنت ألقاك في كل مرة بقلب جديد. وما أبعد الفروق بين ألوان الأثواب وألوان القلوب!
لن ينقضي ما بيننا أبداً. وبالرغم مني أن يكون ما بيننا أوثق مما بين العين والضياء، فلك بدوات تجعل الإيمان بحنانك أضعف من الإيمان بأمانة المحتالين
لم تكن لي يدٌ فيما صرنا إليه، فقد فررت من هواك ألف مرة، وانتقلت من محلة إلى محلة ومن إقليم إلى إقليم، لأنجو بنفسي، فهل نجوت؟
إن الشمس تلاحقني حيثما توجهتن فأين الفرار من وَهَج الشمس؟