إن فيليب باريس - في اعتقادي - أول صحفي بل أول كاتب فرنسي استطاع أن يجلو للناس مدى تأثر هتلر في شعبه، وبين لهم أن استيلاء هتلر على نفوس سامعيه وعمق أثر كلامه فيها ناتج عن أنه يشارك شعبه بؤسه وضيقه. يخطب في قدماء المحاربين الذين ذاقوا ويلات الحرب وأصلوا سعيرها، ويخطب في النساء اللواتي صبرن طويلاً على البؤس والشقاء في دورهن التي أقفرت من كل شيء، ويخطب في جميع أولئك الذين مسهم الفقر بنابه وتاقت نفوسهم إلى الخلاص منه، كان صوته الصاحل يدوي في الجموع المحتشدة دوي الجرس الناعي، ولكن وعود الخلاص والإنقاذ كانت تظهر على كل نبرة من نبراته. كان يعلنهم بما سيحدث في المستقبل القريب واثقاً مما يقول , لا يجهد نفسه بوضع النظريات والفروض، بل يستعيض عنها بخطة سهلة قريبة المنال، توصل إلى السعادة التي يحلم بها الرجال العاملون والنساء السذج
ولقد رأيت النساء الألمانيات يخضعن، وتذل نفوسهن أمام جاذبيته القوية. ولما رأيتهن وافرات الصراحة، رحت أحادثهن وأسألهن عنه، وانبرت واحدة منهن وافرة الجمال والذكاء من مدينة كولونية قدمت من برلين، وأخبرتني أنها حادثته على انفراد بعد (الأسبوع الأخضر) الذي جمع فيه الزعيم رجال الصناعات في كافة أنحاء البلاد الألمانية، ليبين لهم سبيل الاتفاق والتفاهم، وراحت تحدثني عنه قائلة:
- إنه دمث لين الجانب. لقد مثلت أمامه، وكان باستطاعتي أن أكلمه وأحادثه، ولكن الحياء عقد لساني؛ ولم أكن قد زورت في نفسي من قبل كلاماً ألقيه إليه.
سألتها:
- كيف بدا لك شخصه؟
فأجابتني قائلة:
- أن له عينين ساحرتين!
أجل! له عينان ساحرتان. . . هذا هو الجواب الذي أجبنني به جميعاً كيلا يعترفن بقبحه ودمامته. واجتمعت في هامبورغ بامرأة أخرى كانت تطيل الحديث عنه، وهي امرأة مسنة