لا ريب إن الأدب العربي مقصر دون الأدب الغربي في كثير من
النواحي. برغم ماله من الميزات الخاصة وبرغم عراقته وحداثة الأدب
الغربي بالنسبة إليه. فقد سار الأدب الغربي بخطى واسعة وتطور في
عصوره. على حين سار الأدب العربي دائماً على نمط يكاد يكون
واحداً. وكبا بعد العصر العباسي الزاهي كبوة لم يقل منها إلا اليوم.
وكان من عهدها إلى العصر الحديث في حكم العدم إذا قيس بآداب
الأمم الرفيعة.
ولا ريب إن الأدب العربي يكسب كثيرا - وقد كسب بالفعل كثيرا - بلقاحه بالأدب الغربي، وهذا اللقاح يتأتى عن طرق ثلاثة:
الأول اطلاع أدباء العربية على الأدب الغربي. فان لذلك اكبر الأثر في نفوسهم وفي كتاباتهم وان لم يشعروا لم يتعمدوا إدخال ما قرءوا فيما يكتبون.
والثاني ترجمة الآثار الغربية المشهورة من نثر وشعر إلى لغة الضاد. فان ذلك يؤثر في أبناء العربية الذين لم يطلعوا على آداب غيرها تأثيرا يكاد يدنيهم ممن اطلعوا عليها.
والثالث إدخال الأشكال والمواضيع الشعرية الغربية في الأدب العربي إذا كانت غير موجودة فيه. فان ذلك يزيد اللغة ثروة وقوة، يقدر الأدب العربي على مجاراة آداب الغرب
والشعر العربي خاصة خلو من كثير من الأشكال والمواضيع التي يتناولها الشعر الغربي كالدراما والملحمة والشعر المرسل والقوافي المنوعة والأوزان المتداخلة في القصيدة الواحدة. فالشعر العربي فضلا عن كون مواضيعه محدودة قوامه الوحدة في الوزن والقافية، والأحكام في القواعد، والصنعة والرصانة في الأسلوب، وعلى المعنى ان يخضع لكل هذا فلا يخرج إلا مصقولا في قالبه. بينما الشعر الغربي اكثر مرونة واقل قواعد واسهل في يد الناظم واقدر على التحول والتنوع وزنا وقافية اتباعاً لمعاني القصيدة المتتابعة، ومن ثم