ديوان شعر من نظم الأستاذ محمد عبد الغني حسن أهداه إلى صديقه أحمد فؤاد الاهواني فقبله شاكراً وقرأه ساهراً فنقله إلى آفاق من خالص الأدب وعوالم من المعاني والفكر، امتزجت فيها المشاعر بالخواطر والعبر.
ظهرت في مصر نغمة جديدة تدعو إلى دراسة الأدب والنظر في الشعر بوجه خاص غير إقليمية، وزعموا أن الكتاب والشعراء مع أنهم كتبوا جميعاً بلغة واحدة هي العربية الفصيحة، وهي لغة لم تتطور من حيث بنائها وهيئتها لأنها لغة القرآن لا مبدل لكلماته، إلا أنك تستطيع أن تميز شاعراً عن شاعر، وتفضل كاتباً على آخر، بما يمتاز به إقليم عن إقليم، وتختلف به أمة عن أمة، وتتفاضل دولة عن دولة. فهذا عراقي وذاك حجازي، وهذا شامي وذاك مصري.
وهذا الاتجاه في دراسة الأدب جدير بالاعتبار.
لأنه يدفع إلى ملاحظة الفوارق فيدعو إلى معرفة الخصائص. ولأنه يصل بين الشاعر وبيئته فينكشف السر عن شاعريته. ولأنه يطلعك على سيرته ويجعل دراسته قطعة من الحياة.
فلا غرابة أن يكون عنوان الديوان (من نبع الحياة)، فالديوان حقاً من العنوان. ولصاحب الديوان براعة ملحوظة في ابتداع العنوان الطريف الأخاذ. فأنظر إلى عين النبع كيف تندى برذاذها ما صحبها من ألف وباء.
وهذه صناعة لا يحسنها إلا صاغة الكلام، والشعر أعلى فنون البيان. ولذلك كانت القصيدة أخلد من المقالة، والبيت أروع من العبارة. وكانت الإلياذة عنوان الأدب في اليونان، والرباعيات أسمى ما نظم في إيران.
غير أن الصورة الشعرية في الأدب العربي تختلف عن صورتها في اليونان، وعنها في الآداب الحديثة. ونعني بهذه الصورة البحر والقافية مما يلتزمه الشاعر من مطلع القصيدة إلى آخرها. ونحن لا نعيب على الشعر العربي خلوه من الموسيقى، فلا شعر بغير