أشرت في الأسبوع الماضي إلى القضية التي ستنظر أمام محكمة مصر الكلية يوم ١٣ يونيه القادم بشأن التمثيليات التي تذيعها محطة الإذاعة بعنوان (عيسى بن هشام) وقد رفع الدعوى إلى المحكمة خليل المويلحي بك شقيق محمد المويلحي بك مؤلف كتاب (عيسى بن هشام أو فترة من الزمن) مطالباً وزير الشؤون الاجتماعية ومدير الإذاعة ومؤلف التمثيليات ومخرجها، بأن يدفعوا إليه ألف جنيه متضامنين.
وقد بدأت قصة هذه المسألة في سنة ١٩٤١ حينما عرض الأستاذ أحمد شكري على خليل المويلحي بك أن يصرح له باقتباس تمثيليات إذاعية من الكتاب، فوقع له بالتصريح، ولكنه لما سمع التمثيلية الأولى رأى أنها مسخت مقاصد مؤلف الكتاب، إلى أنها أعدت باللغة العامية المبتذلة، فألغى ذلك التصريح، وأفضى بالأمر إلى الدكتور طه حسين بك - وكان إذ ذاك المستشار الفني للإذاعة - فمنع الدكتور الاستمرار في هذا العمل. وفي سنة ١٩٤٨ استأنفت الإذاعة تلك التمثيليات، وراح المذيع يقول في عبارته التقليدية:(محمد الغزاوي يقدم عيسى بن هشام تأليف أحمد شكري وإخراج محمد الغزاوي. . . الخ) فأرسل شقيق المؤلف الحقيقي إلى الإذاعة يطلب عدم إذاعة التمثيلية والكف عن التمادي في هذا التصرف. ولكن الإذاعة استمرت تذيع حلقات متتابعات تدور حوادثها على ما تضمنته قصة الكتاب مع تشويه الأهداف الأدبية فبه وابتذال اللغة، ففي إحداها إزراء بالمنيكلي باشا بطل قصة الكتاب، من أحد (الخواجات) مما لا يتفق مع تصوير المؤلف الأصيل لهذه الشخصية، وفي إحداها تقول امرأة في المحكمة الشرعية للباشا:(يا منيل على عينك. . . يا مدهول. .)
وهكذا إلى هذا الحال يسير ذلك الأثر الأدبي الذي يمد المحاولة الأولى المصرية الحديثة الأصيلة، بل هو في رأي التاريخ الأدبي المعبر من المقامة إلى القصة في عصرين من عصور الأدب العربي.
ولنفرض أن الإذاعة ليس فيها أدباء يعرفون مكان (عيسى ابن هشام أو فترة من الزمن)