تلقيت من مجلة (الرسالة) مقالتين ضافيتين رداً على مقالي: (التلمود خدع اليهود) الذي نشر في (الرسالة) في ٢٣ ديسمبر سنة ١٩٤٧؛ إحداهما بلا تاريخ ولا ذكر لمكان صدورها ولا إمضاء سوى كلمة (عاصف). وما هي إلا عاصفة هراء وسباب وبذاء. فهذه لا تستحق إلا أن ترمى في أقصى مكان من الدار، أو أن تلقى في النار لكي يطهر جوها من عفونة الأقذار.
وأما الأخرى فعلى النقيض: هي نقد كالربت الخفيف على الكتف، من أديب أريب بتوقيع (لطيف مختار) من بغداد يدافع فيها عن التلمود واليهود، ويرد على كل فقرة في مقالي. فلو نشرت في (الرسالة) لشغلت نحو ٦ صفحات على الأقل؛ ولو رددت على كل نقطة فيها لشغلت (الرسالة) كلها.
و (الرسالة) وقف على قراء ينشدون العلم والأدب الصافيين. لذلك اجتزئ عن البحث الطويل بالكلام في أمرين: التلمود ونيات اليهود.
أولاً: لم يكن التلمود مقصوراً في مقالي؛ وإنما كان المقصود موسى عليه السلام؛ لأنه هو الذي ساق بني إسرائيل من أرض مصر إلى أرض كنعان بعد أن أوصى الإسرائيليات أن يستعرن من المصريات حليهن، بحجة أن عندهن احتفالا عظيماً. فرحلن في اليوم التالي والحلي معهن. ولما بلغ موسى بهم أرض كنعان قال: إن الله يرسل أمامهم ملاكاً ويطرد من أمامهم الكنعانيين والأثوريين والحثيين والغرزيين والحويين والبيوسيين (انظر الإصحاح ٣٣ العدد ٢، والإصحاح ٢٣، والعدد ٢٣ من سفر الخروج. وكان كلما تذمروا من بطئهم في برية سينا مناهم بأنهم سيمتلكون منازل الكنعانيين وأثاثهم وفرشهم ولحفهم وطناجرهم ومواشيهم وكرومهم الخ.
لماذا طرد الله أولئك من أمامهم، أليسوا خليقته؟ أما كان ممكناً أن يحولهم إلى عباده؟ هذه مسألة لا هوتية لا نبحث فيها، وإنما اقتضتها سياسة موسى في قيادة بني إسرائيل.
وإذا كانوا في ذلك الزمن شعب الله المختار؛ فقد صار ملايين من البشر من عباده، أفلا يزال شعبه المختار؟ إذا كان الله قد وعدهم أرض كنعان في ذلك الزمان، أفيبقى هذا الوعد