تقع ذكرى أحمد شوقي أمير الشعراء في هذا الشهر (أكتوبر) فقد توفي في اليوم الرابع عشر من سنة ١٩٣٢ وقد بدا الاهتمام بهذه الذكرى في عدة مظاهر، منها تلك الحفلة التي قالوا إنهم سيقيمونها في (أوبرج) الأهرام، والتي عرف قراء الرسالة أمرها مما كتبناه عنها في عددين ماضيين، وقد علمت أن هذه الحفلة لن تتم على الوضع المزري الذي رسموه لها، فقد عارض بعض أعضاء اللجنة في ذلك الوضع، وأباه كذلك بعض الشخصيات الكبيرة التي طلب إليها أن تشترك أو تشرف على الحفلة، وقالوا جميعاً كما قلنا إنه لا يليق أن يحتفي بذكرى شوقي احتفاء لاهياً مسعراً (بالأوبرج).
ومن مظاهر الاهتمام بذكرى شوقي، العدد الخاص الذي أصدرته زميلتنا مجلة (الكتاب) وقد جمعت بين ذكرى شوقي وحافظ في هذا العدد، لأنهما توفيا في سنة واحدة إذ كانت وفاة حافظ في اليوم الحادي والعشرين من شهر يولية سنة ١٩٣٢، فتكون قد مضت خمسة عشر عاماً على وفاة الشاعرين اللذين اقترن اسماهما في الحياة وفي الخلود.
وقد قصرت (الكتاب) أبوابها على البحث في شعر شوقي وحافظ، والتزمت في كل بحث الموازنة بين الشاعرين في مختلف نواحيهما؛ وقد صدر العدد بفصل للأستاذ عادل الغضبان رئيس التحرير عنوانه (متحف) ذهب فيه إلى أن الشعر، وهو أحد الفنون الجميلة، له كما لها متاحف، وإن كانت قطعه لا تضمها الغرف والأبهاء، وإنما تعرض في (الديوان) فديوان الشاعر هو المتحف الذي يعنيه.
وأخذ الأستاذ في الدلالة على الموسيقى والتصوير في ديواني شوقي وحافظ، فبين الارتباط بين الأصوات والمعاني في قطع من شعرهما، وقد افرط في ذلك كما صنع في بيت حافظ التالي الذي يصف به هيجان البحر:
عاصف يرتمي وبحر يغير ... أنا بالله منهما مستجير
فقد جعل يبين دلالة الحروف على صوت العاصفة ودوي البحر والفزع إلى الله، فقال:(فصوت العاصفة تتخيله الأذن في الصفير المنبعث من اجتماع الصاد والفاء بعد الألف في كلمة (عاصف) ولا فضل للشاعر فيها إلا أنه اختار فأحسن، ورنة الضربة تدوي في