هل توجد حقاً فروق بين الموسيقى الشرقية والموسيقى الغربية؟ يقول الموسيقيون الغربيون بوجود هذه الفروق ظاهرة واضحة لا سبيل إلى إنكارها أو الشك فيها، ويؤمن الموسيقيون الشرقيون بهذا الرأي، ويذهبون إلى أبعد حدود الفكر، ثم تقوم القائمة بين مفكريهم، في هل تظل هذه الفروق على ما هي عليه أبداً، أم نقرب بينهما لفائدة الموسيقى الشرقية ونهضتها. ولكل رأي أنصاره ولكل رأي الداعون إليه بقوة وإيمان.
أما من أين نشأ هذا الخلاف، وهل كان منذ أن عرف العالم شيئا اسمه موسيقى، أم أنها كانت واحدة في بدئها ثم انقسمت إلى فرق وشيع باختلاف أذواق من اشتغلوا بها والمؤثرات التي أحاطت بهم. للجواب على هذا السؤال يلزمنا أن نمهد له بذكر شيء يسير من تاريخ الموسيقى ونشأتها وتطورها والنواحي التي اتجهت إليها.
يقول التاريخ إن أقدم حضارة عرفها العالم هي في الأمة المصرية القديمة، وان أقدم موسيقى عرفها التاريخ هي موسيقى قدماء المصريين. لا يخالفنا في ذلكم مخالف، غير أن بعض من بحثوا في تاريخ الموسيقى من الغربيين يميلون إلى نسبة الموسيقى القديمة إلى فلاسفة الإغريق، وأنهم أول من وضعوا قواعدها وأصولها، ولعل في ذلك روحاً من تعصبهم في البحث وعدم إيرادهم الحقيقة في كثير منها ما دام الفضل سيعود من ورائها إلى الشرق وأهله. أم لعل ذلك راجع إلى أن أقدم ما عثروا عليه من كتب الموسيقى، هو لفلاسفة اليونان القدماء.
ومما لا شك فيه أن الموسيقى كانت تدرس عند قدماء المصريين وكانت لها قواعدها وآدابها، ففي الحروب كانت تذكي نيران الإقدام والبسالة، وفي المعابد كانت تبعث الخشوع والإيمان، وفي قصور الملوك وفي دور النبلاء كان للموسيقى المكان الأسمى.
ذلك ما تدلنا عليه آثارهم المحفورة في المعابد والهياكل والقبور. وأقدم الآلات التي عرفها التاريخ هي الناي والمزمار واللير وهي من صنع قدماء المصريين. ويقول هيرودتس المؤرخ القديم. . إن أعظم الاحتفالات المصرية، الاحتفال بعيد الإله أزوريس، فكان الكهان