سيدي. . . . . صاحب الرسالة، أنت لا تحب الثناء، ولكن القراء يحبون الحقيقة، فأرجو أن تنشر لهم هذا الفصل (على)
قرأت ما كتب عنى وعن كتابي (أبو بكر الصديق) أستاذنا أديب العربية الأستاذ الزيات، فقرأت فيه صفحة من كرم السجايا، ونبل الأخلاق، والتشجيع الذي يتفضل به الكبير على الصغير، فيسدد به خطواته، ويأخذ بيده، ويصب من قوته في أعصابه، حتى يقوى ويشتد ويتقدم، فأحببت أن أعلق على هذا التقريظ بكلمة في التشجيع وماله من الأثر في العلوم والآداب، وأن أفي للحق والواجب، بأن أسجل للأستاذ وللرسالة، ماله علينا من منة، وما للرسالة علينا من يد؛ وأنا وأصحابي هنا مدينون للرسالة، بما نجد من قوة، وما نحس من نشاط، ما كنا لولا (الرسالة) نحس منه شيئاً؛ وما رأينا قبل الرسالة مجلة أدبية راقية، فتحت أبوابها لأدباء العربية جميعاً، لا تفرق بين أبناء قطر وقطر، وبلد وبلد، ولا تزن الأدباء بالشهرة الواسعة، ولكن بالإنتاج القيم، فكانت بذلك الرسالة ديوان العرب المشترك، وسجل الأدب الحديث، وجعلت من قرائها - وقراؤها كل الناطقين بالضاد - أسرة واحدة، تجمعها وحدة المبدأ، ووحدة الغاية. وهل أجمل في إثبات هذه الوحدة، من رجل يكتب مقالة عن الأوزاعي من فلسطين، فيعقب عليه آخر من الشام، ويجيبه ثالث من مصر، ويعلق عليها رابع من سنغافورة ثم يكتب في الموضوع خامس من دمشق؟. . . . كأن الرسالة قد محت بسحرها ما بين سنغافورة والشام من صحارى وبحار، وجبال وأنهار فغدت هذه من تلك، كالمقعد من المقعد في الصف الواحد، يخرج رأي من هنا، ورأي من هنا، ويسمع الأستاذ وهو على منبره الرأيين ليقول القول الفصل، وينطق بالكلمة الحاسمة
وما الأستاذ إلا الزيات وما المنبر إلا الرسالة!
أشكر للأستاذ هذه السنة التي يتبعها في تشجيع صغار الأدباء، والأخذ بأيديهم، لأن التشجيع مذ كان أصل التقدم، وسبب النجاح؛ وقد قرأت مرة أن مجلة إنكليزية كبيرة سألت الأدباء عن الأمر الذي يتوقف عليه نمو العلوم وازدهار الآداب، وجعلت لمن يحسن الجواب جائزة قيمة، فكانت الجائزة لكاتبة مشهورة قالت: إنه التشجيع! وقالت: أنها في تلك السنّ، بعد تلك