باكستان والبلاد العربية كلها، إذ لا يتأتى لكاتب أو شاعر باكستاني أن يفزع إلى شعر إقبال البليغ في قالب من العربية فصيح تبقى عليه مسحة من بلاغة (إقبال) وروائه: وقد جرب ذلك كاتب هذه السطور غير مرة فلم يكتب له النجاح. وكذلك لا يوجد في أدباء العرب وشعرائهم - فيما أعرف - من يعرف اللغات التركية والفارسية والإنكليزية حق المعرفة، وله اطلاع لا بأس به على الأدب الأردي، مثل الدكتور عبد الوهاب عزام. فإنه أحاط بمؤهلات الموضوع من جميع أطرافها. أقول في أدباء العرب وشعرائهم، وذلك بعد تتبع الأدب العربي الحديث منذ خمس وعشرين سنة. وجملة القول أن الدكتور عبد الوهاب هو خير من كان يمكن أن يعنى بتعريب شعر لإقبال ودواوينه بالفارسية والأردية. ومن حسن حظنا وحسن حظ الأدب والعلم أن انتدب لتمثيل أرض الكنانة في بلاد (باكستان) فلم تحظ بلادنا في الست سنين الماضية من استقلالها بسفير أو ممثل سياسي وافق طبيعة الباكستانيين وأذواقهم مثل الدكتور عزام، غير الأستاذ الأديب عمر بهاء الأميري وزير سوريا المفوض سابقاً، فإنه أيضاً استأنس به أهل هذه البلاد كما يستأنس أخ بأخيه، وذلك لحميته الدينية ونشاطه المحمود في حقول الأدب والاجتماع.
وبعد، فقد جلست الآن أمام منضدتي لكتابة كلمة أعرف بها ترجمة (ضرب الكليم) العربية إلى القراء وأنوه بالنجاح الباهر الذي أحرزه العرب في هذا المجهود الأدبي المشكور، لكن الحديث ذو شجون والقلم قد اشتطت به الأفكار، فمعذرة إلى القراء.
هذا الديوان يحتوي على ١٣٠ صفحة من القطع المتوسط (علاوة على المقدمة وكلمة التعريف). وفي أولها مقدمة (ومدخل) للمعرب بين فيه منهاجه في التعريب وعرف بفلسفة (إقبال) والقطب الذي تدور عليه رحى كلامه، حتى يسهل للقارئ، التفطن إلى دقائق تعاليمه وحكمه. وأيضاً شكر المعرب في المقدمة الذين ساعدوه على فهم شعر (إقبال) من أصدقائه في (كراتشي) عاصمة باكستان. ثم تتلوها كلمة لكاتب من كتاب باكستان ليشرح بها فلسفة (إقبال) وتعاليمه. والكلمة في الأصل مكتوبة بالأردية، عني بتعريبها أو بتعريب (الجزء الأكبر منها) صديقنا الدكتور السيد محمد يوسف الهندي، نزيل القاهرة - ولكني لم أجد مسوغاً لتحلية جيد هذه الحسناء بهذه القلادة الشوهاء - وكان من الميسور أن يجد المعرب في العاصمة رجالاً لهم معرفة دقيقة بفلسفة (إقبال) ويقدرون إن يشرحوها أحسن