كانت الغفوة الكبرى التي أصابت العالم الإسلامي في القرون الوسطى ذات أثر بعيد في حياته السياسية والعقلية والاجتماعية في القرن التاسع عشر.
لم يبعد المسلمون في هذه الحقبة الطويلة كثيراً عن تقاليد الشرق، وإنما جافوا روح الإسلام، وجهلوا مبادئه وأهدافه، ووقفوا أمام تيار النهضة الغربية جاهلين عاجزين أذلاء. وبادرهم المستعمرون بتحطيم ما بقي في أجسامهم من متعة، وفي قلوبهم من إيمان، وفي أرواحهم من عزة ومثل عليا.
وكانت الأحداث الكبرى التي هزت العالم الإسلامي هزاً عنيفاً داعية للمفكرين والمصلحين أن يجاهدوا في سبيل البعث والإحياء وتجديد الحياة والأمل في نفوس المسلمين. واقترن ذلك بدعوات جريئة للإصلاح؛ انبعثت من رجال الدين حيناً، ومن غيرهم حيناً آخر؛ من أمثال محمد بن عبد الوهاب م١٢٠٦ هـ، والسيد أحمد خان الهندي م١٨٩٨، والسيد أمير علي، والكواكبي م١٩٠٢، وجمال الدين الأفغاني ١٨٩٧م، ومحمد عبده ١٩٠٥م وسواهم من دعاة الإصلاح، وحملة رسالته.
كان السيد جمال الدين الأفغاني يريد تحرير الشعوب الإسلامية من العبودية والاستعمار، وتكوين حكومة إسلامية موحدة تهتدي بهدي الإسلام، وبعث الروح القومي في الشرق عن طريق الإصلاح الديني العام.
. . وكان محمد عبده يريد النهوض بالشرق الإسلامي سياسياً عن طريق النهضة الثقافية به، ويرى أن الإسلام هو السبيل لتمهيد حركة الإصلاح وتغذيتها، وأنه هو والعقل والعلم أخوة، ولذلك دأب على الدعوة إلى تصحيح العقيدة، وإذاعة رسالة الإسلام، وإيقاظ الشعور العام بإيقاظ الروح الديني.