بمناسبة استقلال الشعب الطرابلسي وفوزه بالحرية المنشودة كثر خوض الصحف في ذكر أسم رددته ألسنة العامة والخاصة ولم يقتصر الأمر على هذا وذاك بل وتعداه إلى المحاضر الرسمية باسم ليبيا وتعنى القطر الطرابلسي بأقاليمه الثلاثة (فزان وبرقة وطرابلس) ومن الغريب أن الرأي السائد عند أهلها يساير هذا الإطلاق أيضا. وهو وأن لم يكن خطأ في الجملة من ناحية فهو ليس بصحيح على وجه العموم من ناحية أخرى على ما سأبينه أما ليبيا. فقد قال عنها ياقوت في معجم البلدان ج٧ص٣٤١ (لوبية - ليبيا - مدينة بين برقة وإسكندرية) وأهمل ياقوت ضبط موقعها الجغرافي على غير عادته في دقة التحديد بالدرجات والدقائق القوسية. وهذه المدينة لم يبق لها أي أثر يذكر الآن ويقول اليوزباشي محمد إبراهيم لطفي المصري في كتابه (تاريخ طرابلس الغرب) ص٨ ما معناه: أن ليبيا هذه هي الصحراء المتاخمة لحدود مصر الغربية وسميت بذلك نسبة للوبى ابن حام بن نوح عليه السلام؛ فقد كانت تسكن هذه الصحراء قبائل من نسله فنسبت إلى جدهم الأكبر؛ وطلبا للخفة وبحكم التطور عرفت فيما بعد بليبيا. ويلاحظ شيء فارق بين هذا وما ذكره ياقوت
وقال ياقوت ج٦ص٣٤ عن طرابلس - بألف وبدونه - وذكر أن معناها - مركبا - ثلاث مدن عند الإغريق والرومان وهى مساحة تشغل ما لا يقل عن ثلاثمائة من الكيلومترات ثم أفاض في وصف محاسنها وخيراتها بما يشرف هذا القطر العزيز وانتهى إلى قوله:(وهذا يدل على أنها ليست مدينة بعينها وأنها كورة) أي أنها قطر. وأنها أعم اسما من ليبيا، ثم ذكر طائفة من مشاهير أدبائها ومؤرخيها وذكر في كل نسبة إما الأطرابلسي أو الطرابلسي وأغفل النسبة إلى ليبيا لأي أحد منهم. ومن مؤرخيها العظام (أبو الحسن على عبد الله بن مخلوف الطرابلسي - ولم يقل الليبي - له اهتمام بالتاريخ. . .
وصنف تاريخنا لطرابلس الغرب. . . وقال أبو الطيب يمدح:
لو كان فيض هديه ماء غادية ... عز القطا في الفيافي موضع اليبس
أكارم حسد الأرض السماء بهم ... وقصر كل مصر عن طرابلس.