حضر إلى مصر أخيراً وفد من الصحفيين الفرنسيين، وشغلت أنباء تنقلاتهم والحفاوة بهم صحافتنا المصرية في الأسبوعين الماضيين، وتحلت بعض الصحف والمجلات بصورهم على ظهور الجمال بصورهم على ظهور الجمال عند الأهرام وأبي الهول، وتحدثوا إلى الصحفيين كما يتحدث أمثالهم دائماً عن عظمة الأهرام وسر أبي الهول، وقد يتحدثون عن كرم الضيافة، وهم في ذلك لا يقتصدون في الإشادة والثناء، ولكنهم إذا تحدثوا عن الحياة المصرية العامة، ويكون ذلك إذا رجعوا إلى ديارهم، فإنهم يتخذون من الكذب والتلفيق مادة للكتابة عن بلاد الأهرام وأبي الهول. . وما حديث جان كوكتو ببعيد، فقد جاء إلى مصر في العام الماضي مع الفرقة الفرنسية التي مثلت بعض رواياته على مسرح الأوبرا، وأكرم المصريون وفادته ونوهت الصحافة بأدبه الذي تجرد منه لما عاد إلى فرنسا وألف كتاباً في الطعن على مصر والمصريين!
وأصل الكلام بالعودة إلى الصحفيين الفرنسيين وأحاديثهم إلى الصحفيين المصريين، تحدث مندوب (أخبار اليوم) إلى الصحفية الفرنسية العجوز مدام تابوي، فجعلت تسأله: لماذا تعملون على إقامة المتاعب لنا في شمال أفريقيا؟ إنكم تلعبون بالنار إذ تشجعون هذه الشعوب. . وهي تقصد الشعوب الإسلامية وإذا كان تشجيعها لعباً بالنار فما أعظم هذا اللعب! ثم قالت الفرنسية العجوز: كنت قد أعددت مقالاً عن مصر فيه تحية طيبة لها، ولكني قرأت بعد ذلك في صحفكم رد النحاس باشا على برقية بعث بها إليه أحد زعماء الجزائر الوطنين، فما كدت أقرأ هذا الرد حتى غيرت رأيي في المقال الذي أعددته لصحيفتي في باريس، واستبدلت به مقالاً آخر! وهذا ما كسبتموه!
ورد النحاس باشا الذي أغضب مدام تابوي، هو برقية بغث بها رفعته إلى السيد مصالي الحاج رئيس حزب الشعب الجزائري رداً على تهنئته، وقد تضمن الرد أن مصر لن تألو جهداً في سبيل تحقيق الهدفين اللذين تسعى أقطار المغرب العربي إلى تحقيقها، وهما الاستقلال والانضمام إلى جامعة الدول العربية.