(إن صوتي قد أوقد النار القديمة في بلاد إيران ولكن العرب
لا يعرفون شيئا عن نغماتي الشجية)
(إقبال)
لأبي النصر أحمد الحسيني الهندي
بدأ الدكتور يقول الشعر في أول الأمر من نوع الغزل ثم باشر أنواع الشعر الأخرى مثل:(مثنوي) و (قصيدة) و (رباعي) و (قطعة) و (مسدس) فأجادها إجادة تخلب القلوب، غير أن كمال شعره ليس في هذه الأشكال والقيود الظاهرية، بل في ابتكار المعاني، وإبداع البيان، ودقة الفكر، وسمو الخيال، وحسن التركيب والتشبيه، وقوة الكلام التي يشتمل عليها شعره. فأنت ترى كيف تلك الصفات أورثت التصوير حسناً ورونقاً في قصيدته (الأمنية) التي طلب فيها من الله أن يخرجه من ضوضاء هذا العالم ويسكنه محلاً هادئاً ذا منظر بهيج. قال في وصف ذلك المنظر:
(. . . فلتكن (في ذلك المحل) الأشجار مصطفة في جانبين يرسم صورتها ماء النهر الصافي، وليكن منظر الجبال فيه فتاناً إلى درجة أن يقوم الماء في شكل الأمواج لرؤيته، ويمس الماء فرع الورد مائلاً كأن حسناء ترى وجهها في المرآة، وعندما تحني الشمس عروس الليل تلبس الأزهار كساء ذهبياً مشرباً حمرة. . . الخ)
وقال في وصف الحباحب الطائرة ليلاً في الحديقة:
(إن نور الحباحب يلمع في معمورة الحديقة كأن الشمع منور في محفل الأزهار، أو نجمة قد جاءت طائرة من السماء، أو شعاع القمر قد نفخ فيه الروح، أو سفير النهار قد جاء في سلطنة الليل فكان خاملا في وطنه وبرز في الغربة. أوزر قد وقع من قباء القمر أو ذرة قد ظهرت من قميص الشمس. إن في هذا القمر الصغير نوراً وظلمة فكأنه يخرج من الخسوف حيناً ويدخل فيه حيناً. . . الخ)