ودعوته إن كنا نريد للحق أن ينتصر وللعالم أن يسير نحو سلام دائم وحياة لا اضطراب فيها ولا فتن، لقد آن أن نقول لهؤلاء الذين يشيعون مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة، إنكم أنتم الكاذبون الخداعون. إنكم أنتم الذين تريدون أن تشيعوا في العالم الفوضى والاضطراب وتحاولوا الوصول إلى الجاه والسلطان عن طريق الطعن في الحق وأصحابه والجور في القصد، لا عن طريق هداية العالم إلى الخير والسلام كما فعل محمد، ولكن ما أبعد الفرق بينه وبينكم فإن الرسالة التي جاء بها محمد ما زالت السراج الوهاج والطريق السوي لمن أراد أن يصل إلى نعيم الحياة ويفوز بجنات عرضها السموات والأرض، وما زالت قبلة الأنظار مدة أثني عشر قرناً لأكثر من مائتي مليون من الناس أمثالنا خلقهم الله الذي خلقنا وجعل لهم عقولاً كما جعل لنا، وفيهم من بلغ أسمى درجات الرقي الفكري الذي تدعون أنكم وصلتم إليه، فلا تستحون من قولكم، إن هذه الرسالة التي آمن بها ومات عليها كل هؤلاء الملايين الفائقة الحصر، خدعة وكذب. فوا أسفاه ما أحقر هذا الزعم الباطل وأسوأ هذا القول السخيف، وما أضعف عقول أهله وأحقهم بالرثاء والمرحمة، لأنهم ظنوا أن جميع الناس مجانين مثلهم. أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبداً ولا أسكت عن قائليه، ولو أنى أرى أن الغش والكذب ينتشران بشكل مريع بين الناس ويروجان رواجاً كبيراً ويصادفان كثيراً من التصديق والقبول.
إن الحق إذا لم يجد له نصيراً يدفع عنه سخف القول ويذود عن حوضه المفتريات لضاع بين أمثال هؤلاء الذين لا يرعون فيه إلا ولا ذمة. ولو أن الحق عدم أنصاره لأصبحت الحياة سخفاً وعبثاً، وكان الأولى بها ألا تخلق. وأي حق أحق منا بالذود والدفاع عنه من دعوة محمد التي تدعو إلى السلام والمحبة. وهما اللذان جاء بهما جميع الأنبياء لأنهما ظل الله في الأرض وما الله إلا محبة وسلام.
إن من أراد أن يبلغ منزلة ما في علوم الكائنات، يجب عليه ألا ينظر إلى شيء مما يقوله أولئك السفهاء، وألا يصدق كلمة واحدة من أقوالهم، لأنها أفكار سقيمة وأقوال جيل كفر بالله. . ونتاج عصر جحد بالإنسانية وقيمتها، وهي أبلغ دليل على خبث قلوب هؤلاء وموت أرواحهم وفساد ضمائرهم. وإذا فسدت الضمائر وخبثت القلوب وماتت الأرواح في الأبدان، فإن لصاحبها أن يفعل ما يشاء لأنه أصبح كالأنعام بل أضل.