وجعلت سعادة الحياة منوطة بالتعادل بين الجانبين دون طغيان من أحدهما على الآخر؛ فلو ضمن الفرد بنفسه أو ماله، أو بلسانه أو بامتناعه عن الزواج والنسل مع قدرته - ساءت حالة الأمة وانقلبت حياتها جحيما واستوجب الفرد عذاب الله وغضبه. وكذا لو ضن المجتمع بقوته وسلطانه عن حماية الفرد وكفالته ساءت الحال وانقلبت جحيما واستوجب الحاكم وولاة الأمر الممثلين للأمة سخط الله وغضبه.
شد الإسلام أزر هذه المبادئ التي لا بد منها في أصل الحياة، وحفظها بجملة من الآداب الفردية والاجتماعية تخلع على الإنسان في شخصه ومجتمعه حلة البهاء الإنساني والجمال النفسي، وتقية شر التدهور والانحلال.
ففي أدب التواضع والمشية والنداء واشتغال الإنسان بما لا يعنيه وجريه وراء الظنون الفاسدة والخواطر السيئة يقول الله تعالى (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرضمرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك). سورة لقمان.
ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا، ولا تمش في الأرضمرحاً إنك لن تخرق لأرضولن تبلغ الجبال طولا، كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها) ٣٦ - ٨٣الإسراء.
(يا أيُها الذين لآمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا) ١٢ الحجرات.
وفي أدب الزيارة للبيوت:(يا أيُها الذين لآمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير للكم لعلكم تذكرون، فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعلمون عليم) ٢٨ سورة النور.
وفي سد أبواب الفتنة الجنسية (قل للمؤمنين بغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلكم أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات بغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منه وليضربن بخمرهن على جيوبهن) ٣٠، ٣١ سورة النور.
وفي أدب المجالس (يا أيُها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فأفسحوا يفسح الله