وحياته في الوقت نفسه من الاضطراب للأهواء والنزعات.
الحادي عشر: مكن الإنسان من حظ الجسم وأرباح له التمتع بالطيبات، في مأكله ومشربه، في ملبسة ومسكنه بحسب وسعه وقدرته دون إسراف أو تبذير، وأرباح له التمتع بحاجة نفسه من الزوجة والمال والولد، ومكنه من متعة الروح بالعلم عن طريق التصفية والرياضة، وعن طريق الفكر والتدبر في جلال الله وجماله وما خلق الله من آيات وعجاب.
(يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا أن الله لا يحب المسرفين - قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق - قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) ٣١ - ٣٣ سورة الأعراف.
(يا أيها الذين لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتقدون إن الله لا يحب المعتدين، وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون. ٨٧، ٨٨ المائدة)
الثاني عشر: منح الإنسان باعتباره فرداً - شخصية مستقلة وجعله في الوقت نفسه - لبنة في ناء المجتمع، والاعتبار الأول اثبت له حق الملكية لما له ودمه، وحق الهيمنة على نفسه وولده، ومنحه في هذه الدائرة حق التصرف بما يكون مصلحة له وسبيلا مقوماً لحياته دون مساس بحق الغير.
وباعتبار الثاني أوجب عليه للمجتمع حقا في نفسه يرشد الضال، ويعين الضعيف، ويأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، ويخرج للغزو والجهاد في سبيل رد العودان، ويساهم في كل ما يستطيع في مرافق الحياة ووسائل رفاهيتها، وأوجب عليه حقا في ماله بالبذل والإنفاق في سبيل الله بما بفضل عن حاجته وحاجة من يمونهم وبلى عليهم ولاية خاصة، كما حثه على أن يعمل - لو كان قادراً - على إيجاد النسل القوى الصالح الذي يرفع بقوته وصلاحيته صرح المجتمع على كاهله.
وفي مقاله هذه الواجبات التي فرضها الإسلام على الفرد للمجتمع فكلف المجتمع الممثل في الحاكم الأمر بحفظ دمه وماله وعرضه، وشرع لحماية ذلك العقوبة من قصاص وحد وتعزيز. وبذلك تبادل الفرد مع المجتمع - في الوضع الإسلامي - الحقوق والوجبات،