والتقديس، والدعاء والاستغاثة، حتى لا يذل مخلوق لمخلوق، وحتى يشعر الإنسان بعزة نفسه، ولا يضل باتخاذ الوسائط والشفعاء من دون الله، وطلب الإيمان بيوم الحساب والجزاء، والإيمان بمعرفة طريق الحق الذي ارتضاه الله لعباده، وربط به سعادتهم في الدنيا والآخرة. ذلك الطريق هو: ملائكة الله الذين يتلقون عنه الشرائع والأحكام، وأنبياؤه الذين يتلقون عن الملائكة ويبلغون الناس ما أمروا بتبليغه، والكتب السماوية التي هي رسالة الله لعباده. وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين) صدر الآية (١٧٧) سورة البقرة.
ثانياً: رسم طرق العبادة وفرض منها جملة أنواع ما بين بدنية ومالية، جعلها مددا للإيمان بالخالق، وسبيلا لمراقبته، واعترافا بشكره فرض خمس صلوات في اليوم والليلة يتكرر بها وقوف الإنسان بين يدي خالقه ومولاه يناجيه، ويستشعر عظمته، ويخلص بها من سلطان الحياة المادية المظلمة.
وفرض صوم شهر في السنة - وهو شهر رمضان - شكرا على نعمة نزول القرآن، وتدريبا على خلق الصبر الذي لابد منه في احتمال الحياة.
وفرض الزكاة وهي إخراج جزء معين من ماله سبيل الله شكرا على نعمة المال وقياما بحق الجماعة.
وفرض الحج إظهار الشعار الإيمان العام وهو الالتجاء إلى الله مع جماعة المؤمنين متجردين عن المال والأهل والولد والمساكن الطيبة ابتغاء مرضاة الله وتذكر اليوم المعاد، وجمعاً لكلمة الموحدين وإحياء لذكرى المصلحين الأولين الذين اصطفاهم الله لإنقاذ عباده من هوة الظلال والمآثم.
فرض هذه العبادات وبين على لسان رسوله كيفياتها ومقاديرها وأوقاتها، ووحد بين الناس في كل ذلك حتى لا تتشعب أهواؤهم ولا تختلف أنظارهم، وحتى يكون ذلك سبيلا لجمع القلوب وائتلاف الأرواح، والشعور بوحدة الغاية والمقصد.
الثالث: حث على العلم والمعرفة، وفك عن العقل البشري أغلال التقليد والجمود، ودفع به إلى معرفة أسرار الله في خلقه: أرضه وسمائه، مائه وهوائه، وذلك ليقوى الإيمان بالله،