للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وبحال أن تجد الإنسانية علاج هذا الطغيان فيما وضعه الإنسان أو يضعه بروح الأثرة والزهور والغرور؛ إنما العلاج الحق في الرجوع إلى ذلك العلاج الإلهي الخالد الذي يستند في صدوره وتنظيمه وإبداعه إلى العليم بخفيات النفوس، الخبير باتجاهات القلوب، وذلك هو الإسلام وحده الذي مهما تعددت مبادئه وتنوعت إرشاداته يرجع إلى كلمتين اثنتين: إيمان، وعمل صالح (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

(والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)

لقد مرت على الإنسانية حقب انتابها فيها مثل ما انتابها في هذه الحقبة من شرور وآثام وطغيان، وما أنقذها من شر تلك الويلات إلا هذا العلاج الإلهي، زكاها وطهرها وعلمها الكتاب والحكمة، وحولها من مجاري الشر والشقاء إلى سبيل الخير والفلاح، والإنسانية هي الإنسانية، والويلات هي الويلات، والعلاج هو العلاج؛ فليكن علاج الآخرين هو علاج الأولين.

لهذا وبمناسبة ذكرى ميلاد مسدد هذا العلاج، محمد بن عبد الله رأيت أن أتقدم على صفحات الرسالة بموجز بين واضح عن جملة العقاقير التي تألف منها ذلك العلاج رجاء أن يتعرفه الناس ويقبلوا عليه فيكون في تناوله الشفاء والإنقاذ، والصحة والعافية. (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا. وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا).

الإسلام:

ليس الإسلام - كما يظن الذين يجهلون حقيقته - دين نسك وعبادة فقط، تقتصر مهمته على تنظيم علاقة الإنسان بربه، وإنما هو - كما ينطق كتابه - دين عملي، عام، خالد. ينظم علاقة الإنسان بربه، وعلاقته بمواطنيه وبني جنسه، ويرسم للجميع طريق السعادة في الدارين: الدنيا والآخرة (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم أجراً كبيراً، وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة اعتدنا لهم عذاباً أليما) (٩، ١٠) الإسراء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>