إتاحته للمتعطلين، ويرى تنشيطاً للحياة الاقتصادية عدم حبس المال عن الاستغلال، فيسوغ إقراض مال الوقف والغائب واللقطة بل مال اليتيم ومال المسجد، وكيف كان تخديم المتعطلين الغرباء من التقاليد الإسلامية الراسخة وكيف استولى المسلمون على الأمد من فضيلة إكرام الغرباء، وكيف عنوا بإقامة السبل والأحواض لسقاية العطشان، وسبقوا إلى إقامة المطاعم للفقراء، فمن كان من هؤلاء يمنعه الحياء من الجلوس إلى الموائد العامة أرسل الطعام إليه في داره.
ومن حق الدراسات الاجتماعية الحديثة أن تعي أن الإسلام في عطفه على الضعفاء يلتفت إلى الصانع لفتة بر ورحمة، فيوصي بمعاونته. وكذلك يفعل مع الأخرق فيثبت عطفاً مبصراً.
أما اليتامى فبره بهم يجول في أسمى الآفاق إذ يمنحهم عناية بالغة الرقة والحرارة. ثم هو بعد ذلك يرى أن يزول اسم اليتيم عمن بلغ الحلم. ولعل من مقاصد هذا حكمة تربوية هي إلا يظل اليتيم يتلقى عطف الناس فيعجزه في مستقبل أيامه أن يواجه الحياة من غير سناد.
والخدمة الاجتماعية التي تهدف إلى خدمة الزواج تبذل في النظم الإسلامية إلى أبعد مدى. والمسلمون يمدون يد العون لراغبي الزواج بعامة والعوانس بخاصة. وقد كان عمر بن عبد العزيز يعدل الحاجة إلى الزواج بحاجة المدين إلى سداد دينه وحاجة المسكين وحاجة اليتيم. ومن الأوقاف الإسلامية أوقاف تعنى بتجهيز العرائس الفقيرات إلى أزواجهن.
وعني الإسلام بلأيم، فدعا إلى الزواج منها، وحبب في السعي على الأرملة صيانة لها في حيائها وشرفها.
وكفل الإسلام اللقطاء، وصان لهم كل حقوقهم، وسهر على إنباتهم نباتاً حسناً.
والإسلام يمنح المدين رحمته، بأنظاره إن كان معسراً، ويحبب في التصدق عليه وبجعله من المصارف المحددة للزكاة.
وتهب النظم الإسلامية التفاتها وعطفها للذين لا أهل لهم ولا عائل، ولا طاقة لهم بعمل، فالزوايا والرباطات والخانقاهات كان يقيمها أغنياء المسلمين مثابة لهؤلاء، وقد كان بعض الرباطات (للنساء المنقطعات أو المطلقات أو العجائز الأرامل والعابدات).
وتجهيز الموتى ودفنهم من أعمال البر المقدمة عند المسلمين.