للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أغنياته خالدة لأنها من الحياة، دموع هايني التي ترقرقت في أناته خالدة لأنها من الحياة. . . وقولي مثل ذلك عن بسمات جورج صاند وتشاؤم ليوباردي وصرخات بودلير

وإذا ما تركت الأدب والشعر والموسيقى إلى التصوير، فهناك لوحات من كتب لها البقاء ما بقيت الحياة التي ألهمت الريشة المبدعة وأوحت إلى الخيال الوثاب. . . ترى هل سعدت بالوقوف لحظات أمام (الجيوكندا) لدافنشي، و (الربيع) لبوتشيلي و (الخريف) لهالي نويل و (الحرية تقود الشعب) لدلا كروا، و (وحي الشاعر) لبوسان و (حارس الليل) لرامبرانت و (نجوى الرعي) لبوشيه و (الينبوع) لآنجر؟

الحياة يا آنستي هي الدعامة الأولى التي يقوم عليها كل بناء فني جدير بالخلود. . . هي النهر الجبار المتدفق وكل ما عداه روافد هي البذرة النادرة التي تنشق عنها تربة الفن فإذا الغصن المزهر والثمرة الناضجة!

وتسألينني هل الكتب لا تكفي ولا يمكن ن تكفي ليكون الإنسان مثقفاً؟. . . إن جوابي عن هذا السؤال هو أنها لا يمكن أن تكفي لسبب واحد هو أن ثقافة من هذا الطراز يشوبها النقص ويعتريها القصور؛ لأنها تفقد عنصراً خطيراً هو عنصر التطبيق على الحياة! كيف تستطيعين أن تتذوقي آثر الفن وأنت بعيدة عن منابعه؟ وكيف تستطيعين أن تحكمي على نتاج القرائح وليس بين يديك لا قاعدة ولا ميزان؟ إن الثقافة يا آنستي ليست قراءة فحسب، ولكنها فهم وتذوق وهضم وتطبيق واستيعاب. . . وحياة من وراء هذا كله تعين الذهن على الإحاطة، وتسعف الحواس على التوهج، وترفع من القيم المواهب والملكات!

معذرة يا آنستي فهذه هي الحقيقة. . . ومع ذلك فلا موجب لهذا اليأس الذي ألهب مني الشعور في كلماتك في كلماتك، إنني أشعر شعوراً عميقاً بأن القيد سيتحطم يوماً ما، وعندئذ يمكنك أن تستشعري حرارة الحياة كما يستشعرها كثير من الأحياء!

رأي في مقدمة (أوديب الملك) حول الفلسفة الإسلامية:

كتب الأستاذ سيد قطب - رد الله غربته في الوطن والروح - كتب في عدد (الرسالة) الماضي موجهاً حديثه إلى الأستاذ توفيق الحكيم: (فكرة أريد أن أصححها عن (الفلسفة الإسلامية) كما يصورها ابن رشد وأبن سينا والفارابي فقد ألممت بهذا في بحثك الممتع الطويل. إن هذه الفلسفة قد تصح تسميتها (الفلسفة الإسلامية) بمعنى أنها وجدت في أرض

<<  <  ج:
ص:  >  >>