ومن العجيب أنه قد وقع في الظن أيضاً أن علاقات الود والصداقة بين الدكتور والأستاذ الحكيم تجتاز مرحلة من الفتور، ليس أدل عليها من هذا الذي قيل وتعرض فيه صاحب (أوديب الملك) لشيء من السخرية!
أود أن أؤكد هنا أن كل ما تبادر إلى الأذهان من ظنون لا يستند إلى دعامة واحدة من دعائم الحقيقة، فعلاقات الود والصداقة لا تزال تربط بين الرجلين بأقوى رباط. . وإذا كان الدكتور طه قد لجأ في حديثه إلى شيء من العنف أو إلى شيء من القسوة، فمرجع ذلك إلى صراحته المعهودة التي لا تجامل صديقاً على حساب القيم الفنية والموازين النقدية، وتلك ناحية أكدها لي الدكتور حين فاتحته في هذا الأمر منذ أيام. ومما يؤيد هذا القول تلك القصة الطريفة التي أتيت على ذكرها في الكلمة السابقة، والتي تمثل بوضوح صراحته السافرة عندما سألته مديرة المسرح الفرنسي عن رأيه في مسرحية (الأيدي القذرة) ولا أظن أن أحداً يستطيع أن يتهم الدكتور طه بأنه كان يسخر من فن سارتر أو يتهكم عليه. . وإذا كان الأستاذ الحكيم قد تعرض في ثنايا المحاضرة لشيء من العنف فقد تعرض فولتير لهذه العبارة القاسية، وهي أنه في تناوله لقصة سوفوكل قد أمعن في سخف لا يطاق!
لا أدري لم يعد الناس هنا قسوة النقد تهكماً وصراحة الناقد سخرية، ولم يميلون في مثل تلك المواقف إلى الظن بأن بين الناقد والمنقود أسباباً من الجفاء يفسرها الوهم بالتحامل ويردها الخيال إلى محاولة النيل من الأقدار؟! ألا يجدر بنا أن ننظر إلى الأمور من خلال منظار آخر يهيئ لنا رؤية الحقائق في جولا يكتنفه هذا الضباب؟ إنني أود أن تتحقق هذه الأمنية في يوم من الأيام!
درس آخر في أدب القصة:
يبدو أنني لن أفرغ من هذه الدروس التي تلقى علي من حين إلى آخر في أدب القصة؛ فبعد أن عقب أحد الأدباء على ما كتبت حول مسابقة المصور للقصة القصيرة، وبعد أن رددت عليه بكلمات أعتقد أنها وضعت كل شيء في مكانه، بعد هذا كله هب (أستاذ) آخر ليمدني بنصائحه ويزودني بمعلوماته وهو الأستاذ نصري عطا الله!
إنني أرحب بأن أكون (تلميذاً) مخلصاً على شرط أن يكون (أساتذتي) على شيء من العمق والإحاطة. . . وأشهد أنني لا أضيق بالتوجيه والإرشاد ولو صدر من أديب لم أسمع به من