ترجم الدكتور بدوي هذه الكلمات وهي عنوان مسرحية لسارتر (بالعاهر المهيبة)؛ وهنا يبدو شيء من الانحراف في الترجمة لا يستقيم معه المعنى سواء أكان منسوباً إلى عنوان المسرحية أم كان منسوباً إلى الفكرة التي بنيت عليها!. . . إن المهابة كما يدل عليها موضوع المسرحية وكلمة لا تنسب إلى (العاهر) وإنما تنسب إلى المحيطين بها عشاق الجسد، أولئك الذين كانت ترحب بهم وتحتفي بمقدمهم؛ وإذن تكون الترجمة الصحيحة هي (العاهر الحفية). أما (العاهر المهيبة) فلا يقابلها في الفرنسية غي هذه الكلمات:
وترجم الدكتور بدوي عنوان مسرحية أخرى لسارتر ترجمة خاطئة أيضاً وهي مسرحية حيث قابلها بكلمة (القرف) مع أن ترجمتها الدقيقة هي (الغثيان). . والفارق بين الترجمتين بعيد!
أما قوله بان (الأيدي القذرة) هي خير ما أنتج سارتر إحكام صنعة فنية وبراعة حوار وإبداع تسلسل، فلا أجد في الرد عليه خيراً من رأي الدكتور طه حسين بك في هذه المسرحية، وهي أنها أقل أعمال سارتر الأدبية توفيقاً في مجال العمل الفني الذي يقوم عليه بناء التمثيلية الحديثة، وهو رأي جهر به الدكتور طه - كما قال لي - في وجه مديرة المسرح الفرنسي الذي مثلت عليه مسرحية سارتر، يوم أن سعت إليه السيدة تسأله عن رأيه في (الأيدي القذرة). . ومما هو جدير بالذكر أن المحيطين بالدكتور قد حاولوا في شيء من اللباقة أن يخففوا من وقع رأيه على شعور السيدة الفرنسية، ولكن صراحته المعهودة أبت إلا أن تؤكد للمرة الثانية ما سبق أن أفضي به، وهو أن هذه المسرحية عمل فني يعوزه التوفيق!
بين طه حسين وتوفيق الحكيم:
لم يسعدني الحظ بالاستماع للمحاضرة القيمة التي ألقاها الدكتور طه حسين بك عن (قصة أوديب في الآداب المختلفة)، والتي تناول فيها بالنقد والتحليل بعض الأعمال الفنية التي أعقبت أوديب سوفوكل. . ولقد حدث أن خرج بعض المستمعين لمحاضرة الدكتور وقد وقع في ضنهم أن الأستاذ توفيق الحكيم قد ناله رشاش من التهكم حين جاء ذكر مسرحيته في سياق الحديث! هذا ما فهمته من بعض الذين لقيتهم عقب المحاضرة ومما أورده صديقي الأستاذ عباس خضر حين عرض لها في الأسبوع الماضي بالتلخيص والتعقيب.