وأثنى نلينو على الطوسي ص ٢٣٦ فقال إن المستعمل الآن في أيامنا تسمية الضلع المقابل للزاوية القائمة (وتراً) وهذا الاستعمال قد سبقنا إليه الطوسي في كتابه تحرير أصول اقليدس في الهندسة. وقال نلينوص ٢٤٤ ومما يستحقى الذكر أن العرب توصلوا في النصف الثاني من القرن الرابع إلى إثبات تناسب جيوب الأضلاع لجيوب الزوايا المقابلة لها في أي مثلث كروي، بل وضعوا هذه القاعدة أساساً للطريقة التي سموها (الشكل المغنى) في حل المثلثات الكروية. قال نصير الدين الطوسي في كتاب الشكل القطاع المطبوع في القسطنطينية سنة ١٣٠٩) الخ وليس هنا مقام بيان ما خلد الطوسي من آثار رائعة في الهندسة وعلم المثلثات وباقي الرياضيات فقد أفردت لذلك مقالا مستقلا. إنما نقتصر في حديثنا اليوم على جهود الطوسي في مرصد مراغة وفي علم الفلك والهيئة - فقد كانت حديث المستشرقين ومؤرخي الحضارة الإسلامية العربية ولم نجد من ضرب صفحاً عن ذكره أو ولغ في ذمه إلا من أعماه التعصب الذميم.
الحق أن الطوسي رحمه الله من مفاخر الثقافة العربية ومن العقول الجبارة التي غمرت الأوساط العلمية بنتاجها الخصب، فازدهر تاريخ الشرق الأوسط. وقد أنقذ الطوسي منار العلوم بعد أن هددته عاصفة المغول وكادت تنطمس أنواره وتنمحي آثاره؛ فهو الذي منع شر المغول عن الفلاسفة ورجال العلم وأنفق واردات الأوقاف الإسلامية في بناء حياة علمية جبارة في مراغة بقيت آثارها في المكتبة العربية وكم من نفس أحياها باستنقاذها من سيوف التتار، وكم من قلب أحياه بالعلم.
ولنصغ إلى الأستاذ فيليب حتى يحدثنا في كتابه (تاريخ العرب) ص ٣٧٧ - ٣٧٨.
وإن هولاكو بعد تخريب بغداد بسنة شرع عام ١٢٥٩ بشيد بقرب بحيرة بورمية مرصد مراغة العظيم، وقد كان أول مدير له نصير الدين الطوسي الشهير (نقلاً عن ابن العبري ص ٥٠٠، وعن جامع التواريخ لرشيد الدين فضل الله).
وفي هذا المرصد نظم جداول فلكية جديدة سماها (الزيج الايلخاني) إذ ألفه على شرف هولاكو أوخانات المغول (أي ملوكهم) وقد ذاعت الجداول وأصبحت مألوفة في جميع آسيا حتى في الصين، وأن أثار هذا المرصد القصير العمر لا تزال قائمة حتى الآن (١٩٣٧ م)