خليطاً عجيباً من أفكار مضطربة لا تقترب كثيراً من الدين ولا من الفلسعة، ونظرة متأنية إليها فيها الدليل كل الدليل!
أما الجزء الأخير من مقدمة (أوديب الملك)، وهو الذي عرض فيه الأستاذ الحكيم لمن تناولوا أسطورة سوفوكليس في آثارهم الفنية، من أمثال (بيتس) و (هوفمانستال) و (سان جورج دي بوهلييه) و (جان كوكتو) و (أدريه جيد)، هذا الجزء الأخير يحفل بكثير من اللمحات المشرقة، وكم أود أن يرجع إليه القارئ لأنه يعد في حقيقته مفتاحاً لتلك الأعمال الفنية التي أعقبت (أوديب) سوفوكل، ومنها هذا العمل الناضج الذي قام به توفيق الحكيم.
(قطرات ندى) لراجي الراعي:
كتاب نفيس عثرت عليه في سوق الوراقين، وما أكثر ما يجد المرء في سوق الوراقين من نفائس. . . ولقد عثرت عليه عارياً لا يتشح بغلاف يمكن أن يهديني إلى أسم صاحبه! وحين خلوت إليه أقلب صفحاته بين يدي رأيتني أمام كتاب ممتاز لأديب ممتاز، ولكن من هو هذا الأديب الذي هزني وأين مكانه؟ إنه يعرض في الصفحات الأولى من كتابه لبعض الأماكن في لبنان ولبعض رجال الصحافة والأدب في لبنان، ترى أيكون صاحب (قطرات ندى) هو جبران أو الريحاني أو نعيمه؟ لقد وقع في ظني أن يكون واحداً من هؤلاء الثلاثة، لأنه في رأيي لا يفترق عنهم في سعة أفقه وومضات فكره ووثبات خياله
هذا ما وقع في ظني، ولكنني حين رجعت إلى أحد أصدقائي من الأدباء اللبنانيين أسأله عن الكتاب وصاحبه، تلقيت منه رسالة يبلغني فيها أن صاحب (قطرات الندى) هو راجي الراعي. راجي الراعي؟ كيف يكون في لبنان مثل هذا الأديب الممتاز ثم لا أعرفه ولا يعرفه غيري ولم نسمع به من قبل؟! وإذا كان قد انقطع عن الكتابة فأي شأن من شئون الحياة قد شغله عن الأدب وحال بينه وبين ميدانه؟. . ومرة أخرى تلقيت رسالة من الأديب اللبناني الصديق، تحمل إلي الجواب عما أثرت من أسئلة حول صاحب (قطرات الندى). إن راجي الراعي كما يقول الصديق في رسالته أديب كبير من طراز ميخائيل نعيمه، ولكنه انصرف عن الأدب منذ أمد بعيد حيث شغل بالتفرغ لمهنة المحاماة ومنصب القضاء.
لا أدري كيف يستطيع بعض الأدباء الناضجين من أمثال راجي الراعي أن ينصرفوا عن ميدانهم الأصيل وهو ميدان الأدب!. . . إن (إدوار هريو) سياسي فرنسي له في رحاب