للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وينقل عن مصادره الأخرى ومنها كتب التفسير وكتب عبرية مخطوطة، وكتب لعلماء الآثار الغربيين، وكتب لمؤرخين وطنيين وأجانب فلا يشير مرة واحدة في هامش صفحة إلى اسم الكتاب الذي نقل عنه صفحة نقله إلا مرة واحدة ذكر فيها خبراً، وأشار إلى أنه من رواية (الإمام القرطبي والنسقي والنيسابوري، وسواهم من أئمة المفسرين) ص ٢٧. وهذا سير عجيب بل سير مريب لأنه يفترض أن كل هذه المصادر البعيدة معروفة للقراء فلا داعي لذكرها ما عدا القرآن فهو مجهول ولذلك لا غنى عند ذكر الآية من ذكر رقمها في سورتها. هذا مع أن الكتاب ألف باللغة العربية كي يقرأه أقل من يعرفونها دون سواها، فهو يكاد يكون مؤلفاً لعامة المسلمين وحدهم.

والمؤلف يسوق قصة موسى كما وردت في القرآن وقصته كما وردت في التوراة على أنهما متكاملتان، وهذا السياق يوقعنا في خطأ كبير، وهأنذا أقرر - ولا أدري أحداً سبقني إلى قراري هذا - أن الصورة التي يتبينها القارئ في نصوص القرآن لموسى تختلف اختلافاً كبيراً عن الصورة التي يتبينها له من تأمل نصوص التوراة رغم اتفاق القصتين في معظم الوقائع العامة، وأن الله في نظر موسى كما ذكر القرآن يختلف اختلافاً كبيراً عن (يهوه) في نظر موسى كما ذكرت التوراة، فإن موسى المؤمن بالله الواحد غير موسى الذي اختص هو وقومه بعبادتهم (يهوه) مرة، و (إلوهيم) - ومعناها الآلهة - مرة أخرى.

والمؤلف ينقل عن التوراة مسلماً بصحتها، ولا أريد أن أصدمه برأي الثقات من علماء المسلمين، ومبلغ ثقتهم بهذه (التوراة) كما فهموا من نصوص القرآن، لا أريد صدم المؤلف بذلك رغم أنه مسلم بل عالم من علماء الأزهر، ولكني أشير عليه أن يعيد قراءة التوراة كلها بفهم وتدبر، وأنا بواثق من أنه سيغير رأيه فيها كل التغيير، وليسمح لي أن أهمس في أذنه بأن الجهل التام شر من بعض العلم ولاسيما في هذه المسائل التي تؤخذ كلها. فليحط خيراً بما يريد الاعتماد عليه من المصادر، وإلا فحسبه مصادره الإسلامية وحدها، وشفيعه أنه من (علماء الأزهر) لا يثق إلا بما يثق به دينه وعلماؤه الفاهمون، فأما تقحم المعضلات بلا أهبة وخطف جملة من هنا ونبذة من هناك دون استيعاب ولا تمحيص فإثمه أكبر من نفعه.

لقد نقل المؤلف - كما أسلفت - عن كثير من علماء الآثار والمؤرخين الغربيين، وهو يهتم

<<  <  ج:
ص:  >  >>