للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكان ممن يخشى لسانه. وهو القائل في أهل الرأي والقياس:

كنا من الدين قبل اليوم في سعة ... حتى بلينا بأصحاب المقاييس

قاموا من السوق إذا قامت مكاسبهم ... فاستعملوا الرأي بعد الجهد والبوس

أما الغريب فأمسوا لا عطاء لهم ... وفي الموالي من شح علاميس

وكان موجعاً في هجائه. ويمتاز عن أقرانه الشعراء بسعة ثقافته واطلاعه على الكتب بحكم مهنته ولذلك كان يخشى المثقفون وهجاءه فكانوا يسترضونه بالدراهم ويشترون مدحه بالمال.

وكان ظريفاً صاحب مجلس ومعشر محدثاً يدل ما تبقى من شعره على خفة روحه، له قصيدة جميلة في وصف الطعام يصف فيها أنواع الأطعمة والأصناف الفاخرة من الأشربة، من أوائلها:

اسمع بنعتي للملوك ولا ترى ... فيما سمعت كميت الأحياء

إن الملوك لهم طعام طيب ... يستأثرون به على الفقراء

أني نعت لذيذ عيشي كله ... والعيش ليس لذيذه بسواء

ومن الهجاء الذي قاله بشار في حماد عجرد وهو يمثل بخل المهجو وبعده عن الكرم قوله:

إذا جئته في الحي أغلق بابه ... فلم تلقه إلا وأنت كمين

فقل لأبي يحيى متى تبلغ العلا ... وفي كل معروف عليك يمين

وهنا لك أبيات أخرى قيل إنها في هجاء حماد عجرد وقيل أنها في هجاء حماد بن الزبرقان وهو رجل من هذه الفصيلة. وقيل بل إنها في هجاء حماد الراوية وهي:

نعم الفتى لو كان يعرف ربه ... ويقيم وقت صلاته حماد

هدلت مشافره الدنان فأنفه ... مثل القدوم يسنها الحداد

وأبيض من شرب المدامة وجهه ... فبياضه يوم الحساب سواد

وكانت لحماد عجرد بطانة وجماعة ترتاح إليه ويرتاح إليها وهي على شاكلته بالطبع، مثل حريث بن عمر وكان حماد ينزل عليه وكان من المشهورين بالزندقة. ومثل مطيع بن إياس وهو علم بالزندقة لا يحتاج إلى تعريف، ومثل يحيى بن زياد. وكانوا يجتمعون ويتنادمون ويتنابزون بالألقاب. حدث علي بن الجعد فقال: (قدم علينا في أيام المهدي هؤلاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>