مطالع سعد أم مطالع أقمار ... تجلت بهذا العيد أم تلك أشعاري؟
إلى سدة العباس وجهت مدحتي ... بتهنئة شوقيّة النسج معطار
ولكنا بعد ذلك نرى حافظاً يتغير على شوقي، ويلقى به إلى الخلف، ويعلن عليه هذه الغارة الشعواء إذ يقول في مدح الخديوي:
طف بالأريكة ذات العز والشان ... واقض المناسك عن قاصٍ وعن دان
يا عيد. . . ليت الذي أولاك نعمته ... بقرب (صاحب مصر) كان أولاني
صغت القريض، فما غادرت لؤلؤة ... في تاج كسرى، ولا في عقد بوران
شكا عمان، وضج الغائضون به ... على اللآلى، وضج الحاسد الشاني
كم رام شأوى فلم يدرك سوى صدف ... سامحت فيه لنظام ووزان
عابوا سكوتي، ولولاه مانطقوا ... ولاجرتخيلهم شوطاً بميدان
اليوم أنشدهم شعراً يعيد لهم ... عهد النواسي أو أيام حسان
أزف فيه إلى العباس غانية ... عفيفة الخدر من آيات عدنان
من الأوانس جلاها يراع فتى ... صافي القريحة صاح غير نشوان
ما ضاق أصغره عن مدح سيده ... ولا استعان بمدح الراح والبان
ولا استهل بذكر الغيد مدحته ... في موطن بجلال الملك ريان
وهكذا أخذ حافظ يغمز شوقي ويقرصه في كل مناسبة، وكان من ذلك حملته عليه في كتابه (ليالي سطيح)، وله شعر في هجائه، يعف القلم عن إيراده. . . .
خلاف بين طبيعتين:
وهذا الذي كان (بين شوقي وحافظ) لا يمكن أن نسميه (خصومة)، وإنما هو مظهر لخلاف بين طبيعتين. . .
فقد كان شوقي في ميدان السباق كالجواد الحر، يغار من ظله، ولا يطيق أن يرى أحداً يلحق بغباره، ومن المعلوم أنه كان يعيش في رحاب الخديوي، وكانت له عنده حظوة بالغة، وكلمة نافذة، ومشورة مسموعة، ولكنه لم يحاول أن ينفع أحداً من الأدباء والشعراء بجاهه هذا، بل إنه كان يدس الدسائس ولا يتورع عن الأساليب النابية في قطع الطريق على كل متقدم، وبهذا الدافع وقف لحافظ - وهو الذي كان يخافه - بالمرصاد، فسد في وجهه باب