الأساسي الذي تقوم به علاقات هذا الوطن بالعالم: يتلخص في أن الأمة المصرية في نضالها وكفاحها لا تضمر شراً لأحد من الناس أو لإحدى الدول الأخرى، وإنما تطلب معاملة الند للند، أي لا تسمح لأي دولة أن تعاملها معاملة أقل من المعاملة المعتادة التي توجد بين دولة أوربية ودولة أوربية أخرى، أي المعاملة المدنية التي تفرض أوربا قيامها مع أي مجموع راق متطور. ومعنى ذلك أن هذه البلاد كاملة السيادة فهي ليست مستعمرة، وعلى من يعيش فيها أن يخضع لأنظمتها وقوانينها ومحاكمها وتشريعها ويرعى قواعد الضيافة ويعود نفسه على احترم الأمة المصرية وتاريخها وتقاليدها.
وتستند هذه القاعدة لقيام صلات مع العالم المتمدين، على مبدأ شامل عام: هو أن الأمة المصرية تسكن هذه الأرض المعلومة بحدودها، وأن لها أرض الوطن الحق الطبيعي التاريخي الثابت، وما من شك في أن هذه الأمة ممثلة في أفرادها وجماعاتها وهيئاتها، تريد أن تحيا وهي متمتعة بكل حرياتها التي تكفلها حقوق الإنسان، وأن تتمسك بكامل شخصيتها ومميزاتها. ومعنى ذلك أنها لن تتنازل عن شيء من حرياتها ومميزاتها لأن كل هذا وديعة بأيدي الجيل الحالي سيسلمها كاملة وبأمانة إلى الأجيال القادمة وهي لا تقبل التفريط أو التساهل، لأن الأمة التي تفقد هذه الأشياء تصبح في النواحي التي ضعفت لديها، فريسة سهلة لما يحيط بها من تأثير الأمم الأخرى.
وأعظم مظاهر الشخصية للأمم هي اللغة: ولغتنا العربية هي من أعظم لغات الأرض بل هي أقوى اللغات السامية التي شقت بحيوية أهلها طريقها في التاريخ، وتمثلت فيها عبقرية الأمم العربية وتفوق الفكر السامي وقدرته على الخلود ومواجهة أحداث الزمن ونكباته، ولها ميزة انفردت بها عن سائر اللغات السلمية وهي أن غيرها فني وانقرض وبقيت لغتنا خلال القرون وهي حافظة على قوة التعبير والقدرة على التطور والإبداع.
وفي العالم الحديث ثقافات متعددة أو هي بعدد الأمم الحية وللعصر اتجاهات، ولكن لنا ثقافة نريد أن تكون حية وهي ثقافتنا العربية وليدة كفاحنا وجهادنا. لا ننوي أن تطغي عليها ثقافة أخرى من لاتينية أو انجلوسكسونية أو سوفييتية مهم علا كسب أهلها في مضمار الحضارة، لأن ثقافتنا جزء ثابت مكون للشخصية المصرية لا يمكن أن نتنازل عنه أو نقصر في حقه بل يجب أن يبرز في كل ركن وناحية من نواحي نشاطنا. ونحن نطمع أن