جمعيات، ومنها ما يقوم عليه نساء. . . منها الإسلامي وهو قليل محدث كالكلية الشرعية في دمشق وغير الإسلامي وهو كثير قديم، وما هو ضائع المنهج، ضالّ عن الطريق لم يتخذ بعدُ له وجهة يوليها، وما فيها جميعاً (إلا ذلك المحدث القليل) ما يصنع في نشر الثقافة الإسلامية شيئاً. . .
وضرب منها وهو أعظم ضروبها كثرة المدارس، وعمق أثر، قد أنشئ بأموال الأمة لتعليم أبنائها، وتخريجهم وإعدادهم إعداداً، يكونون معه أدلاء لها في طريق نهضتها، وقادة لها إلى ما تحاول من مجد وعز وكمال، ولا يتم ذلك إلا يوقفهم على تاريخهم وتعليمهم علوم دينهم ولسانهم، وإفهامهم أن هذه الأمة مقدور عليها أنه لا يصلح آخرها إلا بما صلح به أولها، وما كان صلاح أولها إلا بالإيمان الصحيح والخُلُق المتين، فإذا أضعناهما أضعنا المعراج الذي نعرج عليه إلى ما نريد من ذرى المعالي. . . وسرنا في طريق الحياة بساقين جذماوين، نزحف زحف المُقْعَد الزَّمِن، ونتدحرج تدحرج الكرة، فنتمرغ في الوحل، ونحن نحسب أنا نرقى في سلاليم المجد والعلاء، وإذا أنت فتشت عن هذين الجوهرين الكريمين: العربية والإسلام، في المدارس الرسمية لم تَلْق منهما إلا ما تلقى من حبات الذهب في تل الرمل، ومن حرّ اللآلئ في أصداف البحر، ووجدت الدروس في هذه المدارس على نوعين: نوع واحد منهما له المحل الأعلى، والقدر الأكبر، وعليه مدار جهد المعلم والطالب، وفيه يكون الامتحان وما يعقب الامتحان من الارتقاء أو الرسوب، وقد يدخل في هذه الدروس الغناء واللعب (أي الرياضة البدنية) والتصوير ولكنه لا يدخل فيها الدين، ولا تجد في قطر من هذه الأقطار العربية المسلمة، امتحاناً من الامتحانات العامة (الابتدائية أو الكفائية أو الثانوية) يكون فيها لدرس الدين خَطَر، أو أثر في نجاح الطالب أو فشله. على أن تسمية العلوم بدرس الدين أول الوهن، وليس الدين علماً واحداً ولكنه علوم جمة، ومعارف شاملة، عاش عليها العقل البشري قروناً طوالا، منها الفقه فروعه وأصوله والتفسير والحديث والكلام وعلوم أخرى عدّ منها طاشكبري زاده في كتابه الجليل (مفتاح السعادة) ستة عشر وثلاثمائة علم. . . لكل علم منها أبواب وفصول، وفي كل كتب لا يلحقها الحصر، وفي كشف الظنون للحاج خليفة وصف لستة عشر ألف كتاب هي التي رآها المؤلف ووقف عليها بنفسه في عصر من عصور الانحطاط. . . ولقد سبق أن قلت،