فأقبل مُرتجزاً مُنشداً ... سألقى الردى عَنْك إذْ يقتْرَب
وأضربُ دونكَ لا أستطارُ ... ولا أستكينُ ولا أنقلِبْ
وَمَا لبثَ الحُر إلا قليلا ... يخوض الختوفَ وَيَستْقَيلُ
فَخَيلٌ تُحَمْحمُ مُرتدةً ... وأُخْرى تَصَدى له تصهلُ
وقَدْ شدَّ جمعٌ كبيرٌ عليه ... ودارَ به وَهْو مُستْبِسلُ
هَوى جَسَداً لا حراك بهِ ... يُعممهُ الدَّم والقَسْطلُ
وَجَاهَد فيهمْ زُهيْرُ وشدَّ ... فكانَ القويَّ الجليدَ الفتَّيا
يقول: فَدْيتكُ أقدمْ حُسَيْنُ ... غداً تلقَ جدك طه النبَّيا
وتلْقَ أباكَ الإمَام الوضئَ ال ... تقي النقَّي النَّجيد عليَّا
وَسبطَ الرسُولِ أخاك وذا ال ... جناحَيْن زينَ الشبابِ الكمَّيا
فما زَال يَضْرِبُ دونَ الُحسينِ ... وَمُذ خَاضَ هَول الوغى ما اسْتَراحاً
تحدى الحتوفَ وقدَّ الصفوفَ ... وردَّ السيوف وَصَد الرماحَا
أحاط بِه مُثْخَناً فارسان ... فما كان إلا أشدَّ كفاحاً
وما ماتَ حتى بدا عاجزاً ... من النزفِ عَن أن يَهُز السلاحا
تفانَي الرجالُ وقلَّ النصيرُ ... فما للْمُكاثر لمْ يَرْجع؟
ولبسوا إن خرَّ مِنهُم كثيرٌ ... يُحسونَ بالنقصِ في موضعِ
ويَشعر بالنَّقص جُند الحُسينِ ... إذا ما شهيدُ إليهِ نُعى
ألا كَمْ تَهَاووا لديِه تباعاً ... وفي الجو وقدٌ وفى الأضْلُع
بقيتهم حوله يَدْفَعونَ ... مُشاةً فما فيهمو فارسُ
وماتوا لدْيه فرادى ومثنى ... وكلٌّ لفُسطاتِه حَارسُ
تكاثَر صَوْبَ الُحسينِ الَعدُو ... إلى أن تَصَدى لَهُمْ عابِس
فذاق الرَّدى زاحِفاً وَحْدَه ... وكلُّ فَتى باسِمه هَاِمسُ
يَدُ الموت لم تُبقِ من صحبهِ ... كميا، وَهْولُ الوغى فاجعُ
تَقَدمَ أخْوتُه يدفعون ... وما للقضا منهمو دافع
وأبناء أعْمامِه حُومٌ ... يذودون وَهْوَ لهم دامعُ