فواجعُ تَغْشَى صميم الفُؤاد ... وللدم رائحةٌ تُنْشَقُ
وأولُ ما خرَّ منهمْ شهيدٌ ... وجَمْعُ العدُو بهم مُحْدقُ
دَعَا للحُسينِ وأوصَى بهِ ... وَجَفْنَيْه كفُّ الرَّدى تُطبقُ
وبشرهُ صَحْبُه بالنعِيم ... فهشَّ لهُمْ وجْهُه المُشرقُ
بَمْيَسرة الجيش شدَّ الدعىُّ أبنُ ذي الجوشن المستطيلُ الأثيمُ
دَنَتْ خيلهُ مِنْ مكانِ الحُسينِ ... فآذاهُ لولا كفاحٌ عظيمُ
وزُحزحَ بعد اقتتالٍ مريرٍ ... ودون الُحسين جهادٌ صريمُ
تكاثلَ من حَوْلِه الذائدون ... فخيلٌ تَشُدُّ وَخَيلُ تَحُومُ
طغَى وتمادى ابن ذي الجوْشنِ ... فكلُّ حًمى عندهُ مُسْتَباحُ
تصدَّى ليحرِقَ تلك الخيامَ ... وكَمْ ملأ السمعَ منها نُواحُ
ولولا فَتى عير ابن الدَّعى ... لمَا عفَّ وهو السَّفيهُ الوَقاحُ
دعا بالرُّماةِ فَخَفَتْ إليه ... مئاتٌ غلاظٌ تشدُّ القسيا
بها عقرُوا خيْلَ صَحْب الحسِين ... فلم يذروا دانياً أوْ قصَّيا
هَوَى الُحرُّ مُرتجَزاً هَاتِفاً ... أنَا الُحر مَا كُنْتُ إلا الأبَّيا
فإن تَعُقروا فَرَسِي لن أذلَّ ... سَأقْتَلُ دون الُحسيِن رَضيَّا
وَشدَّ زُهيْرُ وَجُنَّ القتالُ ... وزُلزلتْ الأرضُ زلزْالها
وأوْمَضتِ البيضُ تَحْتَ الغُبارِ ... وردَّدتِ الخيل تَصهالهَا
تَهَزأ كُلُّ فَتى بالحتوفِ ... فحاضَ هنالك أَهْوالها
وَرُد الأثيمُ على رَغْمهِ ... وقدْ هَاجَتِ الحَربُ أبْطالها
وكرَّ حبيبُ على ألاكثرينَ ... وكر أباةٌ شدادٌ مَعَهْ
فَقَاتَل فيهم إلى أنْ رَمَاهْ ... عدوٌ بسَهْمٍ لهُ أوْقَعَه
فهبَّ فعاجلهُ آخرُ ... بَسْيفِ فأوردهُ مَصْرَعه
وكَمْ هدَّ هذا المصابَ الحُسينَ ... وأسْبلَ من حَزَنِ أدمُعه
يقول: لقدْ جَل فيه المصابُ ... فَنَفْسي منْ ساعَتي أَحْتَسب
فشقَّ على الحر قوْل الحُسينِ ... وهيجهُ دمعه المُنسكِب