يلاقون بين يديه المنون ... أباةً فما فيهمو جازِع
فواحسرتا كم رمى الباطشون ... من الأفْرُعِ الشم من هاشمٍ
وَوالَهْفَتا إذا ينادي علىُّ ... أبي وهو بين يدي غاشِم
فَيَسْعى إليه أبوه الحُسينُ ... وليس من الموتِ من عاصِم
وَتصَرُخ زَينْبُ: يا بن أخي ... وتحنو على البطلِ النائِم
بكيت لأمْردُ جرَّ الحُسَامَ ... وَحيداً يُنافحُ عن عمهِ
غُلامٌ كما أعتدلَ السْمهَريُّ ... وَعَزمُ المهَّند من عَزمِه
فَتى دِرْعُه البأسُ لمْ يدَّرع ... بغَيِر الإزار على جِسمِه
هو القاسمُ ابن أخيه الإمام ... بَقيةُ مَنْ خَر من قومِهِ
فيا هولَ مَصْرَعه إذا أحاطت ... بهِ الخيلُ وَهْوَ لها صَامدُ
فيهتِف: عماه مُسْتَصرخاً ... ويهَوِى وقَدْ شَجهُ مَارد
برجْليِه يَفْحَصُ مَّما به ... وَبَينَ العِدا عَمهُ جاهدُ
على صدرِه أحتمل ابن أخيه ... ولكُنه جَسَدٌ هامِدُ
وأعيا على الباب فُسْطاطِه ... يضُم صبيا إلى صدْرِه
فبينا يشمُّ الحُسينُ ابنه ... ويوصي بهِ وَهْوَ في حجْرِه
بَسْهمٍ تصيدهُ قانصٌ ... ففار بهِ الدمُ من بحِره
تلقى دم الطفْل مُستَسلماً ... لما قدَّر الله مِنْ أمرِه
وجاءتْ له امرأةٌ خلسة ... بماء وَهُمْ حولهُ حُومُ
فما كادَ يَشربُ حتى رَماه ... بَسْهمٍ أخو خسةٍ مُجْرم
أصابَ بهِ الوغْدُ شدْقُ الُحَسين ... ففار علي الماء مِنْهُ الدمُ
دَعا ربهُ: رَب خُذْ ظالمِي ... فأنْتَ بما ظَلُموا أعْلَم
ألحَّتْ على البطل النائباتُ ... فمن لوحيدٍ ذوي. . . مَنْ له؟
تَوقَد من ظَمأ جوْفه ... وأصحابه رممٌ حوْلهُ
وَجَمعُ العَدُو محيطٌ به ... وإنْ خافَ كلُّ امرئ قَتلهُ
تهَيب أن يْقُتلوا ابن النبي ... شياطينُ كم بطشوا قَبْلهُ