ذلك ما ذكر من الدليل. وعقب عليه الأستاذ الشيخ عبد المتعال الصعيدي يرى أن الدين لا يخدم بمثل ما كتب الأديب الفاضل، لأن ذلك يخلق عداء بين الدين والعلم، وأظهر الاستعداد إلى التوفيق بين الدين والعلم في هذه المسألة عن طريق التأويل، إذا كان هناك قرار إجماعي من الأطباء
ولست أدري ما وجه الخطأ في ما كتب الأديب الفاضل الذي نبه إلى حكم الدين في ختان الأنثى ما دام قد نبه إلى واقع وقرن قوله بالدليل. إن الدكتور أسامة كتب في هذه الناحية كتابة من لا يعرف حكم الدين في الموضوع، فنبهه الأديب الفاضل إلى حكم الدين. ولو لم يفعل لكان حقاً على أحد شيوخ الدين أن يفعل بدلاً من أن يأتي منهم من يلوم الذي فعل خوفاً من خلق عداوة بين العلم والدين. فهل يا ترى يكتم حكم الدين كلما ادعى مدع أنه يخالف العلم في قليل أو كثير؟
إن قراراً إجماعياً لو صدر من الأطباء بالفعل بتأييد الدكتور الفاضل أسامة لا يغير من الحكم شيئاً في هذه المسألة بالذات؛ لأن الدكتور من ناحية يقر بحكمة أخلاقية لختان الأنثى إذ أقر بأنه ادعى للعفة واعون عليها عند الأنثى، والدين من ناحية أخرى ينهى عن الإنهاك في الختان أي عن استئصال الزائد التي يدعو الدكتور أسامة إلى الإبقاء عليها كاملة. فالدين قد أيد عادة تعين على عفة الأنثى، ونبه فيها إلى الطريق القصد الذي يبقى من تلك الزائدة ما يحقق من وظيفتها مما يكفي لإسعاد الزوجين في غير جموح. فماذا يراد من حكم الدين وراء هذا الجمع بين المصالح للإنسان؟
ومن العجيب أن الحديث الشريف قد نص على الوظيفة الفسيولوجية للزائدة قبل مقال الدكتور أسامة بثلاثة عشر قرناً ونصف. وكان الرجاء في مثل الأستاذ الصعيدي أن يكشف لمثل الدكتور أسامة عن هذا. والحديث الذي أشير إليه هو حديث (يا أم عطية) - وكانت تخفض - (إشمى ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج). فأما أنه أحظى عند الزوج، فقد تنبه إلى ذلك العلم. وأما أنه أسرى للوجه فيظهر أن العلم لم يتنبه إليه إذا كان مقال الدكتور أسامة يمثل كل ما وصل إليه العلم في هذا الموضوع.
أما الحالات المرضية التي أشار إليها الدكتور في مقاله فمردها إما إلى الإنهاك الذي نهت عنه السنة الشريفة، وإما إلى تبديد للقوة العصبية ببعض عوامل التبديد الكثيرة في هذه