وقد بلغ من حرص الإسلام على الوفاء بالعهود أنه لم يبح للمسلمين أن ينصروا إخوانهم المقيمين في بلاد أعدائهم. الذين لم يهاجروا منها - على المعاهدين وفي ذلك يقول القرآن الكريم في سورة الأنفال
والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق)
هذه صورة مصغرة لأهم القواعد التي نظم بها الإسلام علاقة المسلمين بغيرهم من الدول
معاملة الدولة الإسلامية لمن يعيش في بلادها من غير
المسلمين
كما نظم الإسلام العلاقات الدولية العامة على الأسس التي أوضحنا. وضع أساساً صالحاً لتنظيم معاملة غير المسلمين الذين يقيمون في بلاد الإسلام
يقوم ذلك الأساس على ما يأتي:
١ - اشتراكهم مع المسلمين في الحقوق والواجبات العامة
٢ - تركهم وما يدينون من غير تحكم في عقائدهم ولا في كنائسهم ولا في رسومهم وطقوس عباداتهم ما دامت على وجه لا يفتن المسلمين في دينهم
٣ - جواز الرجوع بهم في مسائلهم الخاصة إلى حاكم منهم، وأن يحكم الحاكم المسلم بينهم بمقتضى ما يدينون به
٤ - الإحسان إليهم في الروابط الاجتماعية العامة على حدود ما بين المسلمين بعضهم مع بعض
وقد جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم وصايا كثيرة في حسن معاملتهم والتوصية بهم
موازنة
هذه هي القواعد التي ينظم بها الإسلام العلاقات الدولية عامة كانت أم خاصة
وضع أساسها القرآن وبينتها السنة. وشرحها عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده. ثم تناولها التابعون وفقهاء المسلمين فأعملوا فيها الرأي والتخريج شأنهم في الشريعة كلها حتى اتسع نطاقها لتنظيم كل ما يجد من مظاهر العلاقات على وجه يحقق